خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً لَّقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً
١٤
-الكهف

تيسير التفسير

{ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا } شددنا الإيمان على قلوبهم، كما يربط شئ على آخر، فاختاروه على الوطن والأهل، والمال والأصحاب، وعِشرة الملك، حتى إنهم قاموا بين يدى الملك دقيانوس الرومى فى بلدتهم، وهى أفسوس، وقيل طرسوس، وقيل: بلدة واحدة أفسوس، والعرب تسميها طرسوس، وأمرهم بالسجود له أو للصنم، وكان يقتل المسلمين، ويعلق لحومهم على سور البلد، وأظهروا الحق بين يديه، ولم يخافوه لجرأة قلوبهم، لربط الله عليها، فلا يخرج منها الإيمان. والربط مستعار للشد، والتثبيت تصريحية أو مكنية تخييلية.
وكانوا قعوداً فقاموا لإظهار الدين، وقيل: القيام التثبيت، وقيل: الاجتهاد فى دعاء الناس إلى الإسلام.
{ فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إلهًا } لن نعبد غير الله وحده، ولا مع الله، وكان دقيانوس يدعوهم وغيرهم إِلى أن يعبدوه، وقيل: يدعو إِلى عبادة صنم له كان يعبده، ويذبح له، ويأمر الناس بالذبح له وعبادته، فخيَّرهم بين أن يكونوا كالناس فى ذلك، وبين أن يقتلهم فقال أكبرهم: لنا إله يملك السماوات والأرض، وكل شئ، فاصنع ما بدا لك، فأمر بنزع لباسهم وما عليهم من السوار والطوق، وكانوا من أهل الملك والشرف معه، وقال: أخرتكم لعلكم تتفكرون، لأنكم شباب، وسافر على نينَوَى.
فخافوا قهره إِذا رجع، فكانوا يرسلون تمليخا بالمثناة الفوقية، وقيل: التحتية من الكهف، يشترى لهم الطعام بعد انقضاء زادهم مستخفيًا، فبينما هو فىالمدينة، سمع برجوعه، أتاهم بطعام، وأخبرهم عند الغروب، وزادوا تضرعًا وذكر ا لله عز وجل على ما هم عليه، فقال لهم: يا إخوتاه كلوا وتوكلوا على ربكم، وتكلموا وتواصوا، وأنامهم الله، وأنام كلبهم، فلما رجع فتش عليهم فوجدهم وعيونهم شديدة النظر فقال: إن ربهم الذى هربوا إليه يعذبهم فسد عليهم باب الكهف ليموتوا جوعا إشارة بعض من معه أنك إن قدرت عليهم قتلتهم، فالبناء عليهم قتل لهم، ولا يدرى أنهم نوَّم، وقيل: موتى.
وقيل: هم عظماء المدينة، اجتمعوا خارجها بلا ميعاد، وكل يخفى حاله عن الآخر، فقال أكبرهم: فى قلبى أن ربى رب السموات والأرض، فقالوا كذلك نجد فى قلوبنا، فقالوا جميعًا { ربنا رب السماوات والأرض، لن ندعوَ من دونه إِلهٰاً } وقيل: جاء حوارى إلى بلدهم فقيل له: لا تدخل إِلا إن سجدت للصنم عند الباب، فلم يدخل، ودخل حماما عند الباب، واستجاره الحمامى، ورأى منه بركة، وشرط الحوارى أن الليل لى، ولا تمنعنى من الصلاة، فكان يعلم الأولاد توحيد الله، فاجتمع له عدد، ودل ابن الملك الحمام مع أجنبية جميلة، فوعظه، فاستحيا ليلاً، وعاد ليلاً آخر، فزجره فلم ينزجر، فدخل وبات معها فى الحمام، فماتا فقيل: إنه قتلهما، فخاف فهرب بالأولاد، وهم أصحاب الكهف.
{ لَقَدْ قُلْنَا إِذَاً } إِذ عبدنا غير الله، وقلنا: إنه الله بعد البيان، أو إِذ فعلنا ذلك فيما مضى { شَطَطًا } قولا ذا شطط، أى بعد عن الحق مفرط فى الظلم والكذب والجور.