خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فعسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً
٤٠
-الكهف

تيسير التفسير

{ فَعَسَى رَبِّى أَنْ يُؤْتِيَنِ } فى الدنيا والآخرة. وقيل: فى الدنيا وهو الظاهر والجملة جواب الشرط، والمعنى رجاء أن يقلب حالك للفقر، وحالى للغنى لإيمانى وكفرك، وقال بعض: فلا بأس أو لم يضرنى قلة المال والولد.
{ خَيْرًا مِن جَنَّتِكَ } المراد جنتان على حد ما مرّ، واقتصر على ذكر الجنة لأنها أعز أموال ذلك المفتخر، أو المراد بالجنة مطلق ما يمتع به، فيتناول الأموال كلها، والأولاد، ولم يذكر الأولاد اكتفاء مع إرادتها، أو لكون الافتخار بالمال أكثر، وإما لأنه لا قصد له فى الأولاد، وإما لأن له من الأولاد ما يكفيه أو لأن المراد بالخير الأولاد والجنة، فهما معاً خير من جنة الكافر. وهو وجه ضعيف، أو لأنه أراد الآخرة ولا ولادة فيها، ويبحث بأنه جاء أنه من طلبها فى الجنة كانت له.
{ وَيُرْسِلَ } لكفرك { عَلَيْهَا } أى على جنتك المراد بها جنتان على حد ما مرّ { حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ } مرامى جمع حسبانه أو اسم جمع، وهى الصواعق التى هى قطع من النار، أو أصله سهام صغار، فرمى فى القسى الفارسية، سميت حسبانا لكونها تعد ويرمى بها جملة، وكذلك للصواعق تعد وتحسب لأهلها. وقال أبو بكر الأصم: عذابا على حساب ما عملوا. ويقال: أصاب الأرض حسبان أى جراد أو شبه الصواعق السهام أو الجراد، تشبه الأعلى بالأذى اعتباراً لتقريب الأفهام، أو الحسبان مصدر كالغفران والبطلان إما على معنى مفعول أى شيئا مما يعد من العذاب المترتب على الكفر، أو على معنى أنا لم نهملها عن حسابه عليها، وكأنه قيل: أنزلنا عليها مقتضى الحساب الأزلى، وهو تخريبها أو على معنى الصواب على الأعمال بقدرها، ثم إنه لا يخفى أن التخريب لازم للحساب، ومسبب له فى الجملة.
والمرامى جمع مرماة، وهى ما يرمى به، وهذا المؤمن دعا على صاحبه بزوال جنتيه بالصواعق دفعة، أو بزوالهما تدريجا بإذهاب النهر المفجر بينهما، ودعا أن يعطيه الله أفضل مما أعطاه.
{ فَتُصْبِحَ } العطف على يؤتينى والحسبان ما يترتب عليه الزلق والغور، كالحكم الإلهى بالتخريب، وليس كل ما يترتب عليه الزلق يترتب عليه الغور، أو العطف على يرسل، فيجوز عليه أن يفسر الحسبان بكل ما أمكن من الأوجه أى تصير، أو يرسل عليها ذلك ليلة فتصبح فى يومها، وقد قيل إن الآفات السماوية أكثرها يطرق ليلا { صَعِيدًا } ترابا أو أرضا.
{ زلقًا } يزلق عليها، لا يجد ما يتعلق به من شجر ونخل لانحطاطها إِلى الأرض فوق عروشه، والزلق مصدر وصف به للمبالغة أو لتأويله بمفعول، أى مزلوقا فيه بمعنى مَن بشأنه أن يزلق فيه.