خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَىۤ أَلاَّ أَكُونَ بِدُعَآءِ رَبِّي شَقِيّاً
٤٨
-مريم

تيسير التفسير

{ وأعْتزلكُم } عطف على استغفر بالسين مسلطة عليه أيضاً، كما سلطت على استغفر أو عطف على سأستغفر فلا معنى للسنين فيه، والاعتزال بالبدن بمعنى أتباعد عنك وعن قومك، وإن قلنا الاعتزال بالقلب، والاعتقاد على خلاف الظاهر، ولا يعطف على مدخول السين، لأن اعتزاله بذلك غير مستقبل، بل ماض مستمر، أخبرهم بحاله إلا أن الظاهر بالبدن، فقد هاجر إذ لم تؤثر فيهم نصائحه من أرضه نحو كوثى إلى الشام، أو إلى حران، وفى هجرته هذه تزوج سارة، ولقى الجبار، وأعطاه هاجر لخدمة سارة.
{ وما تدعون من دون الله } عطف على الكاف { وأدْعُوا ربِّى } أعبده وحده، عبر بالدعاء أولا لمناسبة قوله:
" { أراغب أنت } " [مريم: 46] الخ مع قوله: " { لم تعبد } " [مريم: 42] الخ وثانياً بالعبادة، لأنه أظهر فى الإقبال المقابل للاعتزال، أو أراد مطلق الدعاء فى مصالحه الدينية والدنيوية، أو فى هبة الحكم والإلحاق بالصالحين كما قال: " { رب هب لى حكماً وألحقنى بالصالحين } " [الشعراء: 83] وفى طلب الولد كما قال: " { رب هب لى من الصالحين } " [الصافات: 100] أو كل ذلك.
{ عسى ألا أكون بدعاء ربى شقياً } خائباً ضائع السعى تعريضاً بهم إذ غابوا، وضاع سعيهم فى عبادة غير الله، وعسى تواضع ومراعاة للأدب، وتلويح بأن إجابة الدعاء وقبول السعى تفضل من الله لا واجب على الله، وأن العبرة بالخاتمة، والغيب لله عز وجل.