خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ ٱلْعَذَابِ مَدّاً
٧٩
-مريم

تيسير التفسير

{ كلاَّ } ارتدع أيها الإنسان، أو ارتدعوا عن الكفر وقعت فى ثلاثة وثلاثين موضعا هذا، أولها وكلها فى النصف الأخير، وكلها لا يجوز الوقف فيها عليها كما قال المبرد، واستثنى بعضهم كلا، والقمر لوصله باليمين كقولك: إى وربى، وليست كذلك، فإنه لا يكون وصلها به موجباً لوصلها، وترك الوقف، ولو كان المزجور عنه يأتى بعد فكيف وقد صح الزجر بها عما علم من المقام، أو مما سبق وأقول: يجوز الوقف فى كلها، وقال الفراء: يحسن الوقف عليها، ويحسن الابتداء بها فى عشرة مواضع هذه " { ليكونوا لهم عزاً كلا } "[مريم: 81 - 82]، و " { فيما تركت كلا } " [المؤمنون: 100]، " { شركاء كلا } " [سبأ: 27] " { جنة نعيم كلا } " [المعارج: 38 - 39]،" { أن أزيد كلا } " [المدثر: 14- 15] " { منشرة كلا } " [المدثر: 52 - 53]، " { فيقول ربى أَهٰنِنِ كلا } " [الفجر: 16 - 17]، " { أخلده كلا } "[الهمزة: 3 - 4]، و " { ثم ينجيه كلا } " [المعارج: 14 - 15] يوقف عليها باعتبارها رداً لما قبلها، ويبتدأ بها على معنى حقا أو ألا التنبيهية، ويحسن الوقف عليها لا الابتداء فى " { أن يقتلون قال كلا } " [الشعراء: 14 -15] " { إنا لمدركون... كلا } " [الشعراء: 61 - 62].
ويحسن الابتداء لا الوقف فى تسعة عشر موضعاً:
" { كلا إنها تذكرة } " [عبس: 11] و " { كلا والقمر } " [الدثر: 32] و " { كلا بل تكذبون } " [الإنفطار: 9] و " { كلا إذا بلغت التراقى } " [القيامة: 26] و " { كلا بل تحبون } " [القيامة: 20] و " { كلا سيعلمون } " [النبأ: 4] و " { كلا لما يقضِ } " [عبس: 23] و" { كلا بل ران } " [المطففين: 13] و " { كلا بل لا تكرمون } " [الفجر: 17] و " { كلا إن كتاب } " [المطففين: 18] و " { كلا إنهم } " [المطففين: 15] و " { كلا إذا دكت } " [الفجر: 21] و " { كلا إن الإنسان } " [العلق: 6] و " { كلا لئن } " [العلق: 15] و " { كلا لا تطعه } " [العلق: 19] و " { كلا سوف } " [التكاثر: 3] و " { كلا لو } " [التكاثر: 5] إذا ليست للرد فى ذلك.
ولا يحسن الوقف ولا الابتداء فى موضعين:
" { ثم كلا سوف تعلمون } " [التكاثر: 4] و " { ثم كلا سيعلمون } " [النبأ: 5] لا يوقف على ثم، لأنه حرف عطف، ولا على كلا لأن الفائدة بعد، وذلك خطأ والصواب جواز الوقف على كلا فيهما مع الحسن، إذ لا مانع من الوقف عليها مع نية الزجر عن مقدر معلوم مما قيل غاية ذلك أنه كجملتين أكدت إحداهما الأخرى.
{ سنَكتُبُ ما يقُول } سنجازيه بما يقوله من اللفظ المخالف للشرع بالكفر، أو بقوله ذلك، فأطلق الكتابة على الجزاء، لأنها سببه، وملزومه فى الجملة لأنها للإنفاذ فقوله: كجريمة كتبت على الجانى لينتقم منه، ويقرب من هذا أن يقال: الكتابة استعارة للوعيد، لكن لا يتبادر، ويجوز أن يكون نكتب بمعنى نظهر الكتابة، فيكون إظهار الشىء الموجود الخفى منزلا منزلة إحداث الأمر المعدوم، بجامع مطلق الإخراج من الكمون الى الظهور على الاستعارة الأصلية، واشتق من الكتابة بذلك المعنى نكتب، بمعنى نظهر على التبعية كقوله.

إذا ما انتسبنا لم تلدنى لييمته

أى ظهر أنى لم تلدنى لييمته، ولا يصح ما قيل إن السين ليست للاستقبال، بل للتأكيد، وأن المضارع للحال، لأن الكتابة تقدمت على النزول، فالمضارع للاستقبال كما قال الله عز وجل: " { ما يلفظ من قول إلاَّ لديه رقيب عتيد } " [ق: 18] وقوله عز وجل: " { ورسلنا لديهم يكتبون } "[الزخرف: 80]، ولأن السين تكون للتوكيد فى المستقبل القريب لا فى الحال.
{ ونمدُّ له من العَذابِ مَداً } عطف على السين ومدخولها، أو على مدخولها فينسحب عليه معنى السين المذكورة، والمعنى نطيل له العذاب بدل ما يفتخر به من أنه يؤتى يوم القيامة مالا وولداً كثيرين ممتدين أو سنزيده عذاباً على عذاب، وأكد بمد لمزيد كفره، وعظم استحقاقه العذاب لذلك.