خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَّ يَمْلِكُونَ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَنِ ٱتَّخَذَ عِندَ ٱلرَّحْمَـٰنِ عَهْداً
٨٧
-مريم

تيسير التفسير

{ لا يمْلكُونَ الشَّفَاعة } الواو للناس كلهم وكذا الجن أو للمتقين، والمعنى لا يملكون أن يشفعوا لأحد، أو الواو للمجرمين من أهل التوحيد والشرك، والمعنى لا يملكون لن يشفع لهم أحد { إلا مَن اتخذَ عنْد الرَّحْمنِ عهْداً } استثناء متصل من الواو العائدة الى العباد مطلقاً، والعهد ما وعد الله لهم من أن يشفعوا لغيرهم، ويقال عهد الأمير الى فلان بكذا إذا أمر له به، وعن ابن عباس: العهد لا إله إلا الله متبعاً بالأعمال الصالحات، وروى قرأ ابن مسعود الآية وقال: يقول الله تبارك وتعالى يوم القيامة: "من كان له عندى عهد فليقم، ولا يقوم إلا من قال فى الدنيا: اللهم فاطر السَّماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إنى أعهد إليك فى هذه الحياة الدنيا أنك إن تكلنى إلى نفسى تقربنى من الشر. وتبعدنى من الخير، وإنى لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لى عندك عهداً تؤديه إلىَّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد" رواه ابن أبى شيبة، وابن أبى حاتم، والطبرانى، وابن مردويه، والحاكم وصححه موقوفاً.
وعن ابن مسعود أنه قال رسول الله لأصحابه ذات يوم:
"أيعجز أحدكم أن يتخذ كل صباح ومساء عهداً عند الله؟ قالوا فكيف ذلك؟ قال: يقول كل صباح وكل مساء: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إنى أعهد إليك بأنى أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك، لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك وأنك إن تكلنى الى نفسى تقربنى من الشر، وتباعدنى من الخير، وإنى لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لى عهداً توفينه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد فإذا قال ذلك طبع عليه بطابع، ووضع تحت العرش، فإذا كل يوم القيامة نادى مناد، أين الذين كان لهم عهد عند الله، فيدخلوا الجنة" .
وأخرج ابن أبى شيبة، والسدى، وابن جريح، عن مقاتل أن العهد الصلاح،، وقال الليث: حفظ كتاب الله، أو العهد الأمر والإذن، يقال عهد الأمير إلى فلان بكذا، وهذا نفس العهد، وما قبله من الأوجه، تشبيه به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل من أمتى ليشفع فى الفئام من المناسب، فيدخلون الجنة بشفاعته، وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته" والفئام الجماعة أى يدخلون على يده، وهم من أهل الصلاح استحقوا التأخير لأمر، ما فيعجل لهم على يده أو يزاد لهم على يده درجات، أو تفخيم أو المراد بمن اتخذ عند الرحمن عهداً هو النبى صلى الله عليه وسلم، والعهد قوله تعالى: " { عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً } " [الإسراء: 79].
والشفاعة هى العامة بأن يأذن لهم بإذن الله فى الشروع فى الحساب، أو أن يأذن لهم فى دخول الجنة بعد الفراغ منه، وهذا بعيد، وعليه فالاستثناء متصل إذا كان الواو للعباد أو للمتقين، منقطع إذا كانت للمجرمين والمشركين والأوجه السابقة أولى، والمعنى لا يملكون إلا شفاعة من اتخذ، والمراد بالعهد الإيمان وإضافة المصدر الى المفعول أو لا يملك المتقون الشفاعة لأحد إلا من اتخذ وأجيز كون من فاعل يملك، والواو علامة، وفيه أن هذا خلاف الأصل، وأن هذه الواو تشير للجمع، وهو تفصيل، وفى من عموم فيكون إجمال بعد تفصيل والمعروف عكسه.