خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
١٤٦
-البقرة

تيسير التفسير

{ الَّذِينَ ءَاتَيْنَٰهُمُ الْكِتَٰبَ } اليهود والنصارى، آتيناهم التوراة والإنجيل، مبتدأ خبره قوله تعالى { يَعْرِفُونَهُ } أى محمداً صلى الله عليه وسلم لدلالة الكلام عليه، وعدم اللبس، وأما ذكر الرسول قبل مرتين فبعيد مع الفصل بأجنبى، أو التفات عن الخطاب فى اتبعت، والكافين إلى الغيبة، والأصل يعرفونك، أو يعرفون القرآن أو التحويل لاستحضار القلب لهما فى المقام للنباهة لهما، أو يعرفون العلم المذكور، أى المعلوم الحق ومنه كون الكعبة قبلة { كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءِهُمْ } هذا أنسب، بكون ا لهاء فى يعرفونه لمحمد صلى الله عليه وسلم، والمراد يعرفونه بصفاته فى التوراة وغيرها، ومن صفاته فيها أنه يصلى للقبلتين، واستمراره على الكعبة بعد نسخ الصلاة إلى صخرة بيت المقدس معرفة، كما لا يلتبس عليهم أبناؤهم قال عمر لعبد الله بن سلام: قال الله تعالى { الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم } ما هذه المعرفة؟ فقال: يا عمر، لقد عرفته حين رأيته كما عرفت ابنى، ومعرفتى به أشد من معرفتى بابنى، فقال عمر: كيف ذلك؟ قال: أشهد أنه رسول الله حقا، وقد نعته الله فى كتابنا، ولا أدرى ما تصنع النساء، ولعل والده ابنى خانت، وفى رواية، لعل اليهودية خانت، وقبل عمر رأسه، وقال، وفقك الله يا عبدالله بن سلام فقد صدقت.
ولا يلزم من قول الله تعالى { كما يعرفون أبناءهم } أنهم لا يعرفونه أشد من معرفتهم بأبنائهم، لأن المراد فى الآية مجرد التنظير، ولم يقل كما يعرفون أنفسهم، مع أن معرفة الإنسان نفسه أشد من معرفته لولده، لأن الإنسان لا يعرف نفسه إلا بعد انقضاء برهة من دهره، ويعرف ولده من حين وجوده، وخص البنين بالذكر لأنه صلى الله عليه وسلم ابن، والابن ألصق بالقلب من البنت وأشهر، وألزم لصحبة الأب { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ } من أهل الكتاب { لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ } نعته صلى الله عليه وسلم فى التوراة والإنجيل وغيرهما والقرآن { وَهُمْ يَعْلَمُونَ } أنك المنعوت، وأنك على الهدى فيما تقول وما تفعل، وأن كتمان الحق معصية، وأن عليه العقاب، وفريق آخر معترفون بالحق. كعبدالله بن سلام ومن معه، وذكر فريق الكتمان تنصيصا على قبح الكتمان مع الكفران.