خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ وَٱسْتَغْفِرُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
١٩٩
-البقرة

تيسير التفسير

{ ثُمَّ أَفِيضُواْ } منها يا قريش ومن يكون معهم، والمفعلو به محذوف أى أنفسكم { مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } سائر العرب والعجم أنفسهم، أو أفاض فى الموضعين موافق فاض، فهو لازم، والمراد الإفاضة من عرفات، والخطاب لقريش، والحكم عام، لأن خصوص السبب لا ينافى عموم الحكم، وقيل الضمير للعموم لا لقريش خاصة، فيدخلون بالأولى، قيل وهو أوضح، لأن الضمائر قبل وبعد للعموم، قلت يناسب خصوص قريش عموم إفاضة الناس وأنهم الذين لا يفيضون كما يفيض غيرهم، وقيل الناس إبراهيم، لأنه أبوهم والمعروف بالمناسك، وكرر الإفاضة من عرفات للتأكيد وليبين لهم أنهم ليسوا أولى من غيرهم، بل هم وغيرهم سواء، وإنما الشرف بالتقوى لا بالنسب والمكان، وكانوا يقولون نحن من ولد إبراهيم، إنا سكان الحرم وأهل الله فلا نخرج منه فيقفون بالمزدلفة منه وسائر الناس يقفون بعرفات خارجة عنه، أو أل للكمال أى أفاض الناس الكاملون فى شأن الوقوف، وهم الذين يقفون فى عرفات، فذلك ذم لقريش ومن ينحو نحوهم، ترفعوا فجازاهم الله بأنهم دون غيرهم لأنهم خالفوا موقف إبراهيم عليه السلام وغيرهم وافقه، وثم للترتيب فى الرتبة لا فى الزمان، يعنى أن الإفاضة من عرفات هى العالية لا الإفاضة من المزدلفة للواقف فيها دون عرفات، وقيل الإفاضة الثانية من المزدلفة إلى منى بعد الوقوف فى عرفات، وهو قول جماعة، وعليه الضحاك، ورجحه الطبرى، فيكون الخطاب للناس كلهم وقريش وغيرهم، أو لهم وفى حكمهم غيرهم، فالترتيب فى الزمان على أصله، أى من حيث أفاض الناس، الأوائل فيكم من لدن آدم، ومن لدن إبراهيم عليهما السلام لا تغيروه كما غيرته جاهليتكم إذ كنتم من قبل الهدى ضالين { وَاسْتَغْفِرُواْ اللهَ } من ضلالكم وتغييركم المناسك، وفيه دليل أن الكفار مخاطبون بالفروع وأنهم مؤاخذون على الذنوب { إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } لمن آمن واستغفر.