خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَٱللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
٢٤٥
-البقرة

تيسير التفسير

{ مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً } يعامل الله بأعماله الصالحة، من إنفاق ماله فى الجهاد، وأنواع الأجر، واستعمال نفسه فى ذلك فرضا أو نفلا وسائر الأعمال الصالحة ولو غير الجهاد أيضا، ويدخل الجهاد أولا، وعن عمر أداء الجهاد والإنفاق فيه معاملة من يقرض محتاجا، فإن الله يثيبه بالجنة الدائمة على ذلك كما يرد إليه المستقرض مثل ما أقرض، والله غنى، وفى البخارى ومسلم من الحديث القدسى "يا ابن آدم، مرضت فلم تعدنى، واستطمعتك فلم تطعمنى واستسقيتك فلم تسقنى، قال: يا رب، كيف تمرض وكيف أطعمك وأسقيك وأنت رب العالمين قال: مرض عبدى فلان فلم تعده، واستسقاك فلم تسقه، استطعمك فلم تطعمه، أما إنك لو فعلت ذلك لوجدته عندى" وحسن القرض أن يكون بإخلاص وطيب نفس ومن حلال غير ردىء، والقرض اسم مصدر ليقرض، أى إقراضا، أو مالا فيكون مفعولا به ليقرض { فَيُضَٰعِفَهُ } يكثر جزاءه كما، ويعظمه كيفا، والمفاعلة مبالغة { لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } لا يعلمها إلا الله: الواحدة بعشر أو أكثر إلى سبعمائة وأكثر، قيل عن أبى هريرة، إن الله تعالى ليكتب لعبده المؤن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة، فحج أبو عثمان الهندى ليسمع هذا عن أبى هريرة فلقيه: فقال: لم يحفظ الراوى، وإنما قلت ألفى ألف حسنة، والله قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأضعافاً جمع ضعف، والضعف بمعنى إضعاف بكسر الهمزة، أو مضاعفة مفعول مطلق، والمصدر واسمه يصلحان للكثير من الإفراد، ولكن جمع للدلالة على الأنواع، أو بمعنى نفس القسم حال من الهاء، أو مفعول ثان، لأن المعنى يصيره أقساما كثيرة { وَاللهُ يَقْبِضُ } يضيق الرزق على من يشاء، قدم القبض تسليمة للفقراء بأنه يعقبه البسط كما قال { وَيَبْصُطُ } الرزق لمن يشاء؛ وكل ذلك حكمة؛ فلا تبخلوا بما أعطاكم، وفى الحديث القدسى: من عبادى من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لفسد، ولا تمسكوا خوف الفقر؛ فإن الله يقبض عن من يشاء ولو أمسك، وقيل: يقبض الصدقة ويبسط الثواب عليها { وَإِلَيهِ تُرْجَعُونَ } فيجازيكم على ما قدمتم من قليلكم أو كثيركم.