خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٣٠
-البقرة

تيسير التفسير

{ وَإِذْ قَالَ } واذكر إذ قال، وقيل: ظرف لقالوا { رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ } كلهم، وقيل لطائفة خزان الجنان، يسمون الجان، أرسلهم إلى الأرض ليطردوا الجن منها إلى البحار، والجزائر، والجبال، ولا يصح هذا، ولا يصح أن إبليس ملك منهم، وأقرب من هذا أنه ولد من الجن قبله، وليسوا ملائكة، قاتلهم الملائكة وأسروه فتعبد مع الملائكة، والمشهور أنه أول الجن، وقيل ملائكة الأرض، لأن الكلام فى خلافة الأرض، والمجرد ملئك بهمزة مفتوحة بعد الللام، وهو مقلوب مالك بهمزة ساكنة فهل اللام، من الألوكة، وهى الرسالة، وهم رسل الله إلى الأنبياء، وإلى ما شاء الله، وأخطأ من قال، إن ملائكة الأرض يعصون كبنى آدم، والملائكة أجسام نورانية قادرة على التشكل بأشكال مختلفة، وعلى الظهور { إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً } ينفذ الأحكام عنى، وهو آدم، إذ لا يقدر أهل الأرض على تلقى الأحكام عن الله ولا عن الملائكة { قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا } بالذنوب الكبار والصغار والمكروهات كالعجب، والكبر والبغى، والحسد { وَيَسْفِكُ الدِّمَاءُ } يريقها، كناية عن القتل، ولو بلا إراقة دم، علموا ذلك من فعل الجن الذين سكنوا الأرض قبل آدم، فى القول به، وقاسوا عليه آدم وأولاده، أو علموا ذلك من اللوح، أو بإخبار الله لهم، كما روى أنهم قالوا يا ربنا، ما تفعل ذرية هذا الخليفة، فقال: يفسدون فيها، ويسفكون الدماء أو بإلهام، أو لفهمهم أن من خالف الخلقة الملكية لا يخلو عن ذلك، وقولهم ذلك تعجب وطلب للعلم بمكة اقتضت جعل الخيلقة مع أنه يحصل الفساد والسفك، ولعلهم بالغوا فى التعجب والطلب، فعاقبهم بقطع الوحى عنهم، إلى أن أوحى إليهم، أنى أعلم ما لا تعلمون. وقيل: استفهام حقيقى، أى أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء أم من يصلح { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } نسبحك مصاحبين بحمدك، تقول سبحان الله والحمد لله، أو سبحان الله وبحمده، أى وبحمده نسبح. سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفى الله تعالى لملائكته، سبحان الله وبحمده" ، ويقال، تسبيح الملائكة سبحان ذى الملك والملكوت، سبحان ذى العظمة والجبروت، سبحان الحى الذى لا يموت، أو نسبحك مثنين عليك وشاكرين لك على توفيقك لنا للحمد، أو كقولك، كان كذا بحمد الله، أى بفضله وإذنه { وَنُقَدِّسُ لَكَ } نطهرك عن صفات النقص، أى نعتقد خلوك عنها، وجاز هذا لأن التسبيح المذكور مراد به لفظ سبحان، وإذا كان ذلك حالنا فنحن أحق بالاستخلاف، لأنا أحفظ لعهدك، ولا ندرى، ما الحكمة فى العدول عنا إلى من ذلك صفته، وذلك عجيب عندنا، متعجبون نحن منه، فأخبرنا بها، يقال قدس الله، وقدس لله، وشكر الله، وشكر لله، وسبح لله، وسبح لله، ونصح الله، ونصح الله، أو نذكر ألفاظ التقديس لأجلك، أو التسبيح التنزيه عما لا يليق به، فالتقديس تنزيه ذاته عما لا يراه لاثقابه، أو نقدس لك نطهر أنفسنا عما لا يجوز من الأدناس والمعاصى، فلا نماثلهم { قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا } تبدون وما تكتمون وأعلم ما { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } من غيوب السماوات والأرض، ومن إرادتى إظهار حكمى وقدرتى، وأن المطيع الواحد منهم أفضل من الملائكة، وأنهم أشد عبادة وأشق، لأنى أخلق لهم موانع كالنفوس والهوى والشياطين منهم ومن الجن، والشهوات، ولهم جهاد وقراءة ليسألكم، وصلاتهم تشمل عبادتكم. وعبادات لهم ليست لكم كالصوم والصدقة، وأظهر العدل فيهم ولا أبالى، وأدخل العاص منهم النار عدلا ولا أبالى، ويحيون من الدين ما لا تحيون بالتعلم والتعليم والأمر والنهى، علم الله ذلك ولم يعلمه الملائكة، وقالوا، سرا فيما بينهم، لن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم، لتقدمنا ورؤيتنا بعض ما فى اللوح، وأن آدم يطيع، وإبليس يعصى، وأن منهم أنبياء ورسلا، وأعلم مضارع لا اسم تفضيل، لأنه لا يضاف للمفعول.