خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
١٢٨
-طه

تيسير التفسير

{ أفلَم يَهْد لَهُم } أغفلوا فلم يهد لهم، وفاعل يهد ضمير الله كما يدل له قرءة نَهْد بالنون والهاء للمشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلمن والهمزة للانكار، والتوبيخ، وعدى يهد باللام لتضمن معنى التبين، والمفعول محذوف، أي أفلم يبين لهم العبر، أو نزل كاللازم، أى أفلم يحضر لهم الهداية، وقيل فاعل يهد ضميره صلى الله عليه وسلم، وقيل ضمير الإهلاك المدلول عليه بقوله عزَّ وجل: { كَمْ أهلكنا قَبْلهم مِن القرُون } أصحاب الحِجْر وثمود وقوم لوط، هذه الجملة بيان للهداية على طريق الإلتفات من الغيبة إلى التكلم، وللمفعول المحذوف، وهو العبر، وأجيز أن تكون مفعولا ليهد، أى أفلم يبين الله لهم مضمون هذا الكلام، وأن كون مفعولا ليهد معلقاً عنها بكم الخبرية، كما يعلق بالاستفهامية، لأن لكل الصدر، وكم مفعول به لأهلكنا، ومن القرون نعتها.
{ يمْشُون فى مَسَاكِنهِم } يمشى القرون فى مساكن أنفسهم، مطمئنين، الجملة حال من القرون أو تمشى كفار قريش المذكورون فى مساكن القرون المهلكين، والجملة حال من هاء لهم، فإنهم إذا سافروا الى الشام شاهدوا أرض الحِجْر وثمود وقوم لوط { إن فى ذلك لآيات لأولى النُّهَى } تقرير للهداية التى لم يهتدوا بها. وتعليل للإنكار والتوبيخ، أي لا ينبغى عدم اهتدائهم ولا يليق لأن فى ذلك الإهلاك. وإشارة البعد لعلو شأن هذا الإهلاك، وآيات دلالة كثيرة، أو آيات تولدت من ذلك الإهلاك، مع أنه آية واحدة، كقوله: رأيت من زيد أسداً، وبحراً وكقوله تعالى:
" { لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة } " [الأحزاب: 21] إذا فسرنا أسوة حسنة بإنسان يقتدى به، والنهى جمع نهية، أى عقل لأن العقول ناهية عما يفعل هؤلاء المشركون على عهده صلى الله عليه وسلم من أنواع الكفر والمعاصى.