خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَّهُ خُوَارٌ فَقَالُواْ هَـٰذَآ إِلَـٰهُكُمْ وَإِلَـٰهُ مُوسَىٰ فَنَسِيَ
٨٨
أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً
٨٩
-طه

تيسير التفسير

{ فأخْرجَ } السامرى { لَهُمْ عجْلاً جسداً له خُوارٌ } العجل ولد البقرة، أخرج لهم حيواناً حقيقياً على صورة العِجْل بأن خلقه الله وأحياه حقيقه من تلك الأوزار التى قذفوها، وقيل: هو هنا صورته بلا روح، واخوار صوت البقرة، والمراد حقيقته على الأول، وصوت ريح يخرج منه على الثانى ومعنى، جسد لحم ودم على الأول، أو أحمر كالجسد بلا روح على الثانى، وعن ابن عباس: تخرج بنوا إسرائيل عما في أيديهم من حلى القبط، فجمعوه لتأكله النار من السماء، كما تأكل ما غنموا غير الحيوان، فلما جمعوه لذلك، وقيل: أوقد السامرى ناراً فصاغه عجلا بأن ألقى القبضة وقال: كونى عجلا، فكان الريح يدخل في دبره، ويخرج من فيه بصوت، وهنا حديث تفوح منه رائحة اليهود، ورائحة المجبرة، كذبوه عن النبى صلى ألله عليه وسلم: "لولا أنى رأيته في بعض التفاسير، فخفت أن يكفر الناسب بسببه لم أذكره، وذكره ابن مردودية وغيره بسنده الى كعب بن مالك، واراشد بن سعد، عن النبى صلى الله عليه وسلم: "وعد الله موسى المناجاة، فبينما يناجيه سمع صوتاً خلفه قال: ما هو؟ قال عز وجل: أضل السامرى قومك، قال فبم أضلهم؟ وقد نجيتهم وأنعمت عليهم؟ قال: صاغ لهم عجلاً فعبدوه، قال: فمن نفخ فيه الروح؟ قال أنا رأيت في قلوبهم حب ذلك فيسرته لهم، قال: فوعزتك ما أضلهم غيرك، فقال صدقت يا حكم الحكماء، ويا رأس الأنبياء لا ينبغى لحكيم أن يكون مثلك" . كيف يقول رأس الأنبياء ورأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكيف يقول رأيته في قولوبهم فيسرته لهم، وكيف يقول: انت أضللتهم مجيباً به كجواب من يقول: أجبرتهم على الضلال.
وتحقيقاً أن الله خلق الضلال، لكن النطق به في هذا المقام صورة شنيعة، وكيف يقره الله عليها، ويزيده مدحاً عليها، وقدم لها، مع أن المفعول فيه بواسطة الحرف، وآخر عجلاً مع أنه مفعول بلا واسطة على طريق الاعتناء بالمقدم التشويق الى المؤخر، مع ما فيه من طول لو قدم لم يتناسب نظم القرآن، وهكذا قل في غير الآية.
{ فقالوا } أى السامرى ومن ضل معه، وقيل: قوم موسى حكماً على المجموع، وهو خلاف الظاهر، وقيل: السامرى، وجمع تعظيماً لجرمه وهو بعيد { هذا إلهُكُم وإله مُوسَى فَنَسى } أى نسى موسى أنه ربه، فذهب الى جانب الطور يطلبه فيه، وذلك من عطف الفعلية على الاسمية، بمعنى أنه تقررت ألوهية هذا لموسى فنسى: وقيل نسى السامرى، بمعنى ترك النفاق بإضمار الشرك، فأظهره، وعلى هذا ليس نسى من المفعول، بل عطف على قالوا لا على مدخوله، وقيل: تم كلامهم عند قولهم، فقذفناها وما بعده من كلام الله، وذكر فيه صنيع السامرى، وهو ضعيف، كما قيل: المعنى ترك السامرى ما كان عليه من الإيمان، وما قيل: من أنه ترك الاستدلال على وحدة الله عز وجلّ { أفلا يَروْن أن } أنه { لا يَرجْع } العجل { إليهم قولاً } كلماً إذا عبدوه، أو تكلموا له، والمعنى كيف يقولون إنه إله مع حدوثه وعجزه، وإذا كان إلهاً فمن إله من مضى، وهل له صفة الألوهية ألا يتفكرون فلا يهملون ان لا يرجع عليهم قولا { ولا يمْلكُ لهُم ضراً ولا نَفْعاً } مطلقاً أو ضراً على عدم عبادتهم، ولا نفعاً عليها.