خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ
١٩
-الحج

تيسير التفسير

{ هذان خصمان } الفريق المؤمن والفريق الكافر الشامل للخمس، قاله ابن عباس رضى الله عنهما، ومجاهد وعطاء، والحسن عاصم والكلبى، وأخرج ابن جرير، وابن مردوية عن ابن عباس أنهما اليهود المؤمنون، وأخرج البخارى ومسلم، والترمذى وابن ماجه، والطبرانى وغريهم، عن أبى ذر رضى الله عنه: إنه كان يقسم أن الآية فى الثلاثة: حمزة وعبيدة بن الحارث وعلى، والثلاثة المحاربين لهم يوم بدر: عتبة وشيبة ابنى ربيعة، والوليد بن عتبة، وقيل الجنة النار، واعترض الأقوال الثلاثة بقوله تعالى: { اختصموا فى ربهم } لأن اختصام الجنة والنار، بأن النار تقول: خلقنى الله للأقوياء الجبارين، والجنة تقول: خلقنى الله لأحبابه، والثلاثة قاتلوا الثلاثة بلا خصام، واليهود قالوا: نحن أفضل لقدم ديننا ونبينا، والمؤمنون قالوا: نحن أفضل لأنا آمنا بنبيكم وكتابكم، وكما آمنا بنبينا وكتابنا، وأنتم كفرتم بهما حسداً، وليس شىء من ذلك اختصاماً فى الله، وقد يجاب بأنه يستلزم الخصام فى الله.
{ فالَّذين كفروا قُطِّعت } شدد للمبالغة { لَهْم ثيابٌ من نارٍ } طبقات منها متراكمة على قدر أجسامهم، كتراكم الثياب بعض على بعض، وليس فى ذلك استعارة تمثيلية، بل الاستعارة فى ثياب فقط، وعن سعيد بن جبير: أن الثياب قطع من نحاس مذاب، وإذا حمى فى النار النحاس فلا شىء أحر منه، وهى كسوة قبيحة كما قال وهب: يكسى أهل النار والعرى خير لهم، ثم إن كانت تلك الطبقات أو ذلك النحاس مقطعة قبل نزول الآية، فالماضى على حقيقته فى المضى، ونفس التقطيع، وإلا أريد بالتقطيع القضاء بها، أو اعدادها فى اللوح المحفوظ وعلمه تعالى، فالماضى على حقيقته فى المضى مجاز فى التعبير عن الأعداد أو الفضاء بالمسبب واللازم عن السبب والملزوم، والنار والجنة، وجدتا الآن، وليس فى ذلك تعبير بالماكى لتحقق وقوعه على أنه لا مانع من أنهما موجودتان، التقطيع مؤخر الى يوم القيامة، فيكون عبر بالماضى فتحقق الوقوع بعد، اللام للاستحقاق، أو للفائدة تهكماً بهم: أو على التعليل على حذف مضاف، أى لتعذيبهم، وكذا فى قوله:
" { ولهم مقامع } " [الحج: 21] ويضعف أن تكون فيهما بمعنى على.
{ يُصبُّ مِنْ فوق رءوسهم الحميمُ } الماء البالغ النهاية فى الحرارة إذا طلبوا الماء للشرب أو خطر فى بالهم، لو سقط منه نقطة على جبال الدنيا كلها لإذابتها، ذكره ابن عباس وهو المشهور، وقال سعيد بن جبير: النحاس المذاب، وذكر من بيانا لشديد الصب، بأنه يعم الفوق كله، وتلويحا الى أنه ينتهى أثره الى أسفله، والجملة مستأنفة، أو حال مقدرة من هاء لهم، لأن الصلب لم يوجد الآن، ولو وجد التقطيع أو خبر ثان للذين.