خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلَوْلاۤ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـٰذَا سُبْحَانَكَ هَـٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ
١٦
يَعِظُكُمُ ٱللَّهُ أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ
١٧
-النور

تيسير التفسير

{ ولَوْلا إذْ سَمعتُموهُ قُلتُم ما يكون لنا أن نتكلَّم بِهذا } أى بما قيل فى عائشة، او فى نوعه، وعن عائشة القذف بالزنى يهدم عمل مائة سنة { سبحانك } تعجب امرهم الله به أن يقولوه، أو تعجيب، وأصله للاستعمال فى تنزيه الله عما لا يليق به، كما يقال: لا إله إلا الله فى التعجب.
ويجوز بقاؤه على الأصل بمعنى تنزيه الله عز وجل عن أن يجعل لنبيه ما يعاب به، وينفر عنه، وهو فجور الزوج حاشاها، وليس العلم بذلك من شرط النبوة، فلا يقدح فى نبوءته انه لم يعلم ببرائتها، لأنه يسألها وغيرها، هل فعلت وما هالها، وإنما يقدح فى النبوة ان يكون غير أمين، وأما اشتراط عدم المنفر فشرعى عادى مع أنه يمكن أن يعلم بأنه شرط بعد إبراء عائشة، وأما حزنه فطبيعى، وسؤاله كذلك، وقلقه على أن يجعل ذلك الإفك غير منفر للقلوب، وإنما هو بشر يخطر فى قلبه ما اعتقد انه لا يكون، كخوفه من قيام الساعة عند شدة الريح مع اعتقاده أنها لا تقوم فى حياته، وجاز أن تكون امرأة نبى كافرة كامرأة لوط وامرأة نوح، لأن النبى يبعث الى الكفار والكفر عندهم غير منفر، بخلاف الفجور وقوله:
{ هذا بهتانٌ عظيمٌ } الى قوله: { إن كنتم مؤمنين } من جملة العقول، أو يحتمل ان يكون قوله:
{ يعظكم الله أن تعودوا لمثله ابداً إن كنتم مؤمنين } من كلام الله متعلقاً بقوله:
" { وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم } "[النور: 15] وقال ذلك جماعة من الصحابة قبل نزوله كسلمة بن زيد، وأبى أيوب كما رواه سعيد بن المسيب، وقال عمر رضى الله عنه، لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا قاطع بكذب المنافقين لأن الله عصمك من وقوع الذباب على جلدك، لأنه يقع على النجس فيتلطخ به، فإذا عصمك الله من ذلك، فكيف لا يعصمك من صحبة من تكون متلطخة بمثل هذه الفاحشة، وقال عثمان: إن الله ما اوقع ظلك على الأرض لئلا يضع إنسان قدمه على ذلك، فكيف يمكن أحداً من تلويث عرض زوجك، وكذلك قال على: إن جبريل أخبرك أن على نعلك هذا وأمرك بإخراج النعل عن رجلك ما التصق به من القذر، فكيف لا يأمرك بإخراج زوجك لو تلطخت بفاحشة.
وروى ابن مردويه، عن عائشة ان امرأة أبى أيوب قالت: يا أبا أيوب ألا تسمع ما يقال؟ فقال: ما كان لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم، وذلك حسن الظن، أو لعلمهما بأن شرط النبوة السلامة منفر، ولا بعد فى علمهما ما لم يعلمه من هو أعلم صلى الله عليه وسلم، وقال أبو أيوب لزوجه: أتزنين انت؟ قالت: لا، فقال إن عائشة خير منك، وأباها خير من أبيك، وزوجها خير منى، فكيف يصح ذلك، ومعنى يعطف ينصح، وأن تعودوا على تقدير اللام، أو فى أو عن أو حذر أن تعودوا يعظكم فى شأن العود، أو يعظكم الخ بمعنى يزجركم عن العود، وذكر الايمان على معنى أن القاذف كمن لم يؤمن.