خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَـاةً وَلاَ نُشُوراً
٣
-الفرقان

تيسير التفسير

{ واتَّخذوا } أى المشركون من الأمة الأمم، أو المعهودون من الأمة، وعلى كل حال دل عليهم بالاتخاذ للآلهة، ولو لم يجر لهم ذكر كما لو قيل: يأخذون الأجرة على الحجامة، لعلم أن المراد الحجامون، ولو لم يجر لهم ذكر، ولا سيما أنه ناسب المشركين قوله: " { ولم يكن له شريك } " [الفرقان: 2] وقوله: " { نذيرا } "[الفرقان: 1] ودخولهم فى العالمين { من دونه آلهة } أصناماً أو ملائكة أو آدميين { لا يخْلقُون } نعت آلهة { شيئاً } ما ولو فى غاية الحقارة، فكيف يكون إلهاً ما لا يخلق، بل هو مخلوق كما قال:
{ وهم يُخْلَقُون } خلقهم الله عز وجل، فالمضارع لاستحضار الحال الماضية، لتكون كالمشاهد، أو يخلقها شيئا فشيئا فالمضارع للتجدد، فشمل المضى، وفى المضارع مشاكلة للمضارع قبله، والخلق فى القرآن والسنة، وسائر الشرع الايجاد بعد العدم لا بمعنى التصوير إلا لدليل، والمعنى هنا قابل للتصوير، على أَن المراد الأصنام، فإن الأصنام يصورها النجارون وأهل الصنعة، وما كان من تصوير البشر لا يكون إلهاً، فكذا غير البشر، مع أن فعل النجار والصانع وما صوراه، وأشكاله مخلوقة لله سبحانه، ومع أن الذين أنذرهم النبى صلى الله عليه وسلم ينحتون الأصنام، وصيغة العقلاء فى قوله: { وهم } وفى { لا يخلقون } ويخلقون مجاراة للمشركين فى جعلهم الأصنام عقلاء، أو كالعقلاء، على أن المراد بالآلهة الأصنام، وللتغليب على أن المراد أعم، وكذا فى قوله:
{ ولا يمْلكونَ لأنفُسهم ضراً ولا نفعاً ولا يمْلكونَ } لأنفسهم ولا لغيرهم { موتا ولا حياة ولا نُشوراً } بعثا، وإذا لم يملكوا لأنفسهم فأولى أن لا يملكوا لغيرهم، والمراد دفع ضر، وجلب نفع فحذف المضافان، ولا يخفى ان طلب السلامة مقدم على طلب الفائدة، مقدم دفع الضر، كما شهر أن التخلى قبل التحلى، وما قضى الله عز وجل جرى عليهم بكسب أو بغيره، ولا سيما الأصنام التى لا قدرة لها على شىء، بخلاف البهائم، فإنها تدفع الضر، وتجلب النفع بإذن الله وخلقه، وما يشاء من ذلك الدفع والجلب.