خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لِّنُحْيِـيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَآ أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً
٤٩
-الفرقان

تيسير التفسير

{ لنُحيىَ بهِ بلدةً } أرضاً { ميتاً } أى ميتة، وذكر لأنه أصله فعيل شبيه بمصدر السير والصوت، هكذا مويت بكسر الواو وإسكان الياء، قلبت الواو ياء وفتحت الياء فأدغمت فيها الياء بعد حذف كسرتها، وذلك تخفيف او ذكر لأنه صفة مبالغة، لا تشبه حركتها حركة الفعل، كما تشبه حركة اسم الفاعل حركة الفعل، ولمعنى البلد فان البلدة البلد شبه الله الأرض فيه النبات بالحيوان فى النمو والنفع، ورمز اليه بيحيى، وشبه الانبات بالاحياء على الاستعارة، واشتق منه يحيى، وشبه عدم نباتها بعدم الروح كذلك.
{ ونُسْقِيه ممَّا خَلقْنا } من تبعيضية أو بيانية متعلقة بمحذوف حال من إنعاماً وأناسىَّ فى قوله: { أنعاماً وأناسىَّ } إما أن يراد بالأنعام الحيوانات كلها مجازاً لعلاقة الاطلاق والتقييد، وبالأناسى أهل القرى وأهل البدو، وكل ما فى العيون والآبار أصله من السماء، كما فى سورة الحجر والحديث، أو يراد بالأنعام الثمانية وبالاناسى أهل البدو، والمراد ما بقى من ماء المطر فى الأدوية والحياض والبرك، والبعض البدو آبار أيضاً، ويرجح هذا تنكر أنعام وأناسى، وعبارة بعض أنه نكر الأنعام والآناسى ووصفها بالكثرة، لأن أكثر الناس مقيمون بالقرب من الماء، وتنكير البلدة لارادة بعض هؤلاء البعيدين من الماء، وأما أقل القرى فماؤهم من عيون عندها لهم ولدوابهم، وأما سائر الدواب فى البدو فلا يعوزها الماء إذ أقدرها الله على طلبه ولو بعد، وجبلها على عدم شدة الاحتياج اليه.
وقدم سقى الأرض والأنعام لأن معاش الناس بهما، ولأن وجود سقيهما وجود لسقيهم، وخص الأنعام من سائر الحيوان لكثرة منافعها، وأناسى جمع إنسان أصله اناسين، قلبت النون ياء، وأدغمت فيها الياء، وقيل جمع إنسى، وهو أولى لعدم القلب، إلا أن الأكثر فى جمع النسب أفاعله كما ينسب الى باهلى بقولك أباهلة، وأزرقى وأزراقة، وأباضى وأباضية { كثيراً } نعت به الجمع لأنه بوزن المصدر.