خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً
٧٠
وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً
٧١
-الفرقان

تيسير التفسير

{ إلاَّ مَنْ تابَ } مما فعل من ذلك { وآمنَ } بالله ورسوله، وكل ما يجب الايمان به بلا ضمان ان كان مشركا، وبضمان وتنصل وقضاء، إن كان موحداً { وَعَمِل عملاً صالحاً } أداء الفرائض التى هى فعل أو ترك، وأن تنفل فزيادة خير له، والآية على التوزيع، فان الأيمان عائد على المشرك، أو يفسر الايمان بالداومة عليه من مشرك أو مؤمن، وقد فسرت المضاعفة بالشدة، لا بكون الشىء على قدرى الآخر أو أكثر، فشملت عذاب المشرك الذى هو اضعاف عذاب الفاسق { فأولئك } الذين، تابوا وآمنوا وعملوا الصالح، وكأنه قيل: ان قيل فما لهم فأولئك { يُبدل الله سيِّئَاتِهم حَسَناتٍ } يعطيهم الله بعدد سيئاتهم التى تابُوا منها ثواباً قدر ثواب طاعة فعلوها، أو على توبته من الزنى حسنة من دعته نفسه الى الزنى، فتركه لله، أو حسنات كثيرة على ذلك الترك، وقس على هذا يعطون ذلك يوم القيامة، أو توجد مكتوبة بدل كل سيئة ممحوة، أو تبقى مكتوبة فتقابل بها وهو الأصل.
وعن أبى ذر رضى الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
" يؤتى بالرجل يوم القيامة فتعرض عليه ذنوبه وينحى عنه كبارها، أى ما يستعظمه منها، فيقال له: عملت كذا وكذا يوم كذا وكذا، ولا ينكر وهو مشفق أن تذكر له كبارها فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة فيقول: إنَّ لى ذنوباً لم أراها هنا" ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجده، وهو فى صحيح مسلم، ومثل حديث أبى هريرة عنه صلى الله عليه وسلم: "ليأتين ناس يوم القيامة ودّوا أنهم استكثروا من السيئات قيل: من هم؟ قال الذين { يبدل الله سيئاتهم حسنات }" وأنكر ذلك أبو العالية، وعبد بن حميد ظناً أنه مناف لقوله تعالى: { وما عملت من سوء تود } الخ، وليس كذلك؟ فان هذه الآية استثناء من عموم تود الخ للتائبين أو تود لو أن بينها قبل الوقوف على التبديل، ثم تبدل، وقيل التبديل فى الدنيا بأن يوفقهم الله إلى فعل الحسنات، بدل فعلهم السيئات، أو يبدل لهم من دواعى السيئات دواعى الحسنات فى قلوبهم، وقيل: يجعل بدل عقابهم فى الآخرة بالسيئات ثوابهم فيها بالحسنات إذ تابوا، فأطلق السيئات والحسنات على مسببهما ولازمهما.
{ وكان الله غفوراً رحيماً * ومن تابَ وعمِلَ صالحاً } كرره ليرتب عليه قوله: { فإِنَّه يتُوب إلى الله متَاباً } رجوعاً عظيماً ماحيا للعقاب، محصلا للثواب، فقد اشتمل الجواب على ما لم يشتمل عليه الشرط.