خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ
١٣
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ
١٤
-الشعراء

تيسير التفسير

{ ويضيق صَدرى ولا ينْطلقُ لسانى } العطف على أن واسمها وخبرها، أو على أخاف وهو أولى، وعلى كل حال فضيق صدره وعدم انطلاق لسانه غير داخلين فى الخوف، وغير مسببين للتكذيب، وإلا نصب يضيق وينطلق عطفا على يكذبون، كما قرأ بعض بنصبها، وعلى الرفع وصف نفسه بضيق الصدر، وعدم انطلاق اللسان لشدة تغيظه على الدين مطلقا، أو على معنى يضيق صدرى، ولا ينطلق لسانى بتكذيبهم { فَأرْسل إلى هارونَ } جبريل بالوحى، فيذهب معنى الى فرعون فيخاطبه بصدر واسع، ولسان فصيح، فيعيننى كما فى غير هذه السورة، وقدر بعض: أرسل ملكاً، والله سبحانه أوحى الى موسى بالنبوة وهو فى الشام، وأخوه هارون فى مصر.
ويروى أن الله عز وجل أرسل موسى الى هارون وهو بمصر، فسافر إليها بأهله، فنزل ليلا على أمه ضيفاً ولم تعلم به أنه ابنها، ولا هو أنها أمه، فلما حضر الطعام دعاه هارون للأكل معه، فسأله فقال أن أنا موسى، فتعانقاً فقال: أرسلنى الله إليك لتذهب معنى الى فرعون، فقال سمعا وطاعة، فصرخت أمهما باكية أنه يقتلهما، ومنعتهما ولم يصغيا إليها، فذهبا إليه اعتذر الى الله عز وجل بضيق صدره، وعدم انطلاق لسانه، وأنه قتل القبطى بالوكز، وهو خباز فرعون، وهو المراد فى قوله:
{ ولَهُم علىَّ ذنبٌ } تباعة ذنب وهو قتله، عده ذنبا بحسب ما عندهم، وليس ذنباً عند الله، لأنه لم يتعمده، بل خطأ، أو ضربه تأديباً فاتفق انه مات { فأخاف أنْ يقْتُلون } به، وبالاغتياظ على قبل أداء الرسالة، وهذا أحرص فى أدائها، وانتشارها، كما أَن لرسول الله صلى الله عليه وسلم اشتداد خوف فوت الأداء، حتى نزل:
" { والله يعصمك من الناس } "[المائدة: 67] وهما من اولى العزم، ولا ينافى مقامهم أن يقصد مع ذلك حفظ نفسه، والممنوع أن يقصد حفظها بدلا من أداء الرسالة، وتقديماً على الأداء، ويبعد أنه أراد حفظها، لأنه قال ذلك قبل أن يعلم أنه نبى، لأنه يكون نبيا بأول وحى، ونقول ذلك لموسى بدء وحى لا مقدمة له، ولا نسلم أن الأنبياء عالمون بأنهم لا يموتون قبل أداء الرسالة، وليس ذلك من موسى توقفاً عن الامتثال، وتعلالا، بل رغبة فى تحصيل التبليغ وكفى ذلك فى طلب التبليغ.