خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ
٢٨
قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ
٢٩
-الشعراء

تيسير التفسير

{ قال } موسى زيادة فى البيان { ربُّ } هو رب { المشرق والمَغْرب } من أطراف الأرض، وما وراء البحر المحيط، وغير المشرِق والمغرب داخل فيهما { وما بَيْنهما } من أجسام وأعراض، ومنها الظلمة والنور إذ لا بد للحوادث من محدث، ليس منها وإلا كان مثلها، والشىء قبل حدوثه غير فاعل فلا يحدث نفسه { إنْ كُنْتم تَعْقلُون } شيئاً ما تدركون ذلك، أو هو رب ذلك عندكم، لو عقلتم، ولكنكم كمجانين، وهذه منه عليه السلام خشونة عليهم، قابلوه بما يماثلها لعجزهم عن الجواب المحق، وللتهديد كما قال الله عز وجل:
{ قال لَئن اتَّخذت إلٰهاً غَيْرى } سواء أشركته معى، أو أفردته أوهم الناس، أن موسى قد اتخذ إلهاً، ونهاه أن يشرك معه الله سبحانه وتعالى { لأجْعلنَّك منَ المَسْجونِينَ } لم يقل لأسجننك للفاصلة، وللمبالغة فى التهديد بجنس مسجونيه، قيل إن سجنه خمسمائة ذراع أسفل فى حيات وعقارب، والله سبحانه وتعالى يكرر القصة الواحدة فى مواضع يذكر فى كل منها، ما يليق ويذكر فى بعض ما لم يذكر فى الآخر، ثم أنه قيل يعرف وجود الله وحده إلهاً، وأنه الخالق المالك، وأظهر خلاف ذلك حتى قال:
" { أنا ربكم الأعلى } "[النازعات: 24] و " { ما علمت لكم من إلٰه غيرى } "[القصص: 38] وعلم ذلك ضرورى إذ ملكه شىء قليل من الأرض.
كما قال شعيب عليه السلام: { لا تخف نجوت } الخ، وقال موسى: { لقد علمت ما أنزل } الخ، وقيل جاهل بالله عز وجل، مع أنه معتقد أنه غير خالق للسماوات والأرض، أنه من الدهرية، ناف للصانع سبحانه يعتقد وجوب الوجود بالذات للأفلاك، وأن حركتها سبب لحدوث الحوادث، وأن من ملك فخرا استحق أنه لأهله رب، وفيه أن الحركة لا تخلق شيئا كما هو، وأن الأفلاك أجسام لا تستغنى عن موجد، أو من الحلولية يدعى لعنة الله حلول الرب فى بعض الذوات، فتستحق الألوهية، وأنه حل فيه قيل، وفى معبوداته إذ قيل: { ويذرك وآلهتك }.