خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ
٦٣
-الشعراء

تيسير التفسير

{ فأوحينا إلى مُوسى أن اضْربْ بعَصَاك البَحْر } القلزم لا أسافا بحرا وراء مصر فيما قيل، ولا النيل على الصحيح، وهذا الايحاء الكريم كان بعد وصول موسى عليه السلام البحر، قال مؤمن آل فرعون: يا رسول الله أين أمرت وهذا البحر أمامنا، وفرعون وراءنا؟ فقال: أمرت بالبحر، فاقتحم البحر، وكذا فعل آخرون فغشيهم الماء ولم يضرهم، ولما انفلق البحر حصلوا فى طريق ولم يتلوا بالماء هم ولا أفراسهم، وما عليها، والمشهور أن ذلك للمؤمن ويوشع، ولم يقدر أفراس غيرهم على الاقتحام، وكذا يوشع قال ما قال مؤمن آل فرعون، وقيل أجرى فرسه على الماء، ولم يبلهم الماء.
وروى أنه لما انتهى موسى عليه السلام الى البحر، وقيل عند الانفلاق، قال اللهم لك الحمد وإليك المشتكى، وإليك المستغاث، وأنت المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، وعن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام: أن موسى لما انتهى الى البحر قال: يا من كان قبل كل شىء، والمكون لكل شىء، والكائن بعد كل شىء، اجعل لنا مخرجا، فأوحى الله إليه: { أن اضرب بعصاك البحر }.
وروى أن الله عز وجل أوحى الى موسى أن اجمع أهل كل أربعة فى بيت واذبحوا أولاد الضأن، واضربوا بدمائها على أبوابكم، فانى سامر الملائكة بقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم، وآمرهم أن لا يدخلوا بيتا على بابه دم، واخبزوا فطيرا فانه أسرع، وأسر الى البحر فانه يأتيك امرى، وقالوا لقوم فرعون لنا فى هذه الليلة عيد، فاستعاروا حليهم، فذهبوا به، فقال فرعون قتلوا ابكارنا وأخذوا أموالنا.
{ فانْفَلق } مضرب فانفلق بعد أن قال له بأمر الله له: انفلق يا أبا خالد، ويحكى أنه قال انفلق يا أبا خالد، فقال: لا أنفلق لك يا موسى، أنا أقدم منك خلقا، وأعظم، فأوحى الله إليه: { أن اضرب بعصاك البحر } فضرب فانفلق، ويقال عن ابن مسعود انه قال: لقد تعاظمت يا موسى، وهل انفرقت لآدمى، فأوحى الله تعالى: { أن اضرب } الخ، وعن أبى الدرداء، عنه صلى الله عليه وسلم:
"أنه ضربه فصات، ثم ضربه فانفلق وذلك ثلاث" وقيل: ضربه اثنتي عشرة عدد الطرق فيه للاسباط، وذلك يحتاج الى تصحيح، والمشهور لظاهر القرآن أنه ضربه مرة.
{ فكانَ كُلُّ فرقٍ } كل ماء متجامد منفصل عن الآخر، وجملة الفرق ثلاثة عشر { كالطَّود } الجبل { العَظِيم } فى كل فرق كوات يتراءى منها بنوا إسرائيل مؤانسة، وكانت الطرق بين الأطواد مقوسة، فيرجعون فى الأرض التى دخلوا منها، وهى غير نافذة الى البر خلف البحر، وهذا هو الظاهر، وإلا طالت المسافة جداً، واحتاجوا الى الرجوع فى السفر الى أرض الشام، وهى أرض واحدة، لم يفرق بينهما بحر والشمس فى أرض الطرق، وهى أرض طلعت فيه الشمس مرة واحدة.