خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ
٦١
-النمل

تيسير التفسير

{ أمَّن جَعَل الأرض قراراً } إضراب انتقال الى تبكيتهم لأنه لا قادر على جعل الأرض قراراً سواه سبحانه وتعالى، فكيف يعبد سواه، وقراراً موضع استقرار الانسان ولحيوان عليها بحسب ما يريدون من المصالح على حذف مضاف كما رأيت، وذلك يفيد كونها قارة فى نفسها إذ لو كانت تتحرك لم يستقروا عليها، فلا داعى الى تفسيره بأنها قارة فى نفسها، وأن قرارهم عليها يؤخذ التزاما من قرارها { وجعل خلالها } أوساطها جمع خلل وهو الفرحة بين الشيئين { أنهاراً } مجارى الماء، مستطيلة على الأرض، وليس ثقب نبع الماء { وجَعَل لَها } فيها أو لصلاح شأنها، وهو أولى للدلالة على صلاح شأنها { رواسِىَ } جبالاً رواسى ثوابت، فيها مياه تمد الأنهار، وفى أصلها عيون تجرى، وفيها معادن، وتؤخذ منها الحجارة للبناء وسائر المصالح، وتنحت منها عُمُد، وأما منع الأرض بها عن الحركة ففى غير هذه الآية، ولو أريد ذلك هنا لقيل مثلاً: امن جعل الأرض قرارا بالرواسى، ويجوز جعل ضمير لها للأنهار، بمعنى وجعل لامدادها رواسى ينبع من حضيضها الماء، فيمدها لكن فيه تفكيك الضمائر، وتغيير الجملة عما سبق له ما قبلها، وفيه أن شأن ذكر الجبال الرواسى أعظم من أن تذكر لشأن إمداد الماء فقط.
{ وجَعَل بيْن البَحرين } جنس البحر العذب، وجنس البحر المالح، فدخل النيل والفرات، وسيحون وجيحون { حاجزاً } مانعاً من الاختلاط، وهو القطعة من الأرض، ولو أفاض الله ما يليهن من البحور المالحة لفسدت، وقيل: البحران: بحر فارس وبحر الروم، وقيل بحر العراق والشام، ولو خلطهما لفات صلاح ما بينهما من العمران، وقيل بحر السماء وبحر الأرض، ولو خلطهما لغرقت الدنيا { أإلهٌ مع الله } يفعل ذاك أو بعضه، أو يخلق حبة من خردل أو أقل { بل أكْثرهُم لا يعْلمون } رسخ فيهم الجهل حتى إنهم لم ينكروا الشرك، مع ظهور بطلانه لبادئ الرأى، ولأصل الخلقة، ولا سيما مع تكرر الوعظ والبيان والحجج.