خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٣
أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وٱلأَرْضِ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
٦٤
-النمل

تيسير التفسير

{ أمَّنَ يَهْديكم فى ظلمات البرِّ والبَحْر } فى الليل بالنجوم والقمر، وبطريق التبانين وهى نجوم صغار، وبقطب الشمال لأهل الشمال، وهو ثقبه، وقيل: نجم أو ظلمات البر والبحر متشابهاته التشبيه بالظلمة، ولو فى النهار أو مطلق ذلك الشامل لليل أيضا، استعمالاً فى الحقيقة والمجاز، أو فى عموم المجاز، وشملت الآية البحر المظلم ولو نهاراً، وعلم الله الصنائع راكبيه حتى يخرجوا منه سالمين { ومن يُرسل الرياح بُشْراً } علامات خير { بَيْن يدىْ رحْمَته } قدام المطر { أإله مع الله } لا إله معه البتة { تعالى الله عَمَّا يُشْركونَ } لأنه المنفرد بأوصاف الألوهية، ولذلك ذكر نفسه تعالى باسم الجلالة، والمعنى تعالى عما يشركونه بالله سبحانه، أو تعالى عن إشراكهم، وتكرير كل ما كرر فى القرآن مثل { أإله مع الله } " { فكيف كان عذابى ونذر } "[القمر: 16، 18، 21، 30] " { فبأى آلاء ربكما تكذبان } "[الرحمن: 13] إنما هو حق وحكمة، ولكل مكرر معلق غير معلق الآخر، ومن ذلك الباب قول مهلل يرثى كليباً:

على أن ليس عدلا من كليب إذا ما ضيم جيران المجير
على ان ليس عدلا من كليب إذا رجف العضاة من الدبور
على ان ليس عدلا من كليب إذا خرجت مخبأة الخدور
على ان ليس عدلا من كليب إذا ما أعلنت نجوى الأمور
على ان ليس عدلا من كليب إذا خيف المخوف من الثغور
على ان ليس عدلا من كليب غداة تأثل الأمر الكبير
على ان ليس عدلا من كليب إذا ما حار جأش المستجير

{ أمَّن يَبْدأ الخلق ثمَّ يُعيدهُ } إضراب انتقال الى الاحتجاج بالإحداث والإفناء والإعادة، وكل ما أفناه الله عز وجل من الأجسام والأعراض، ولو لم يبق شىء ما فانه تعالى يرده بعينه، وذلك فى البعث وغيره فى الدنيا والآخرة، إلا أن المشركين لا يقرون بالبعث.
والجواب أن الكلام مع من أقر به منهم، وفيه أن المقر به منهم غير معهود، وأن المحل للعموم، وقيل البعث متحقق الأدلة ولو عندهم، فإنهم معترفون به، ولو شهدوا أشياء تلفت، ثم عادت بنفسها لحملت الآية عليه فى الدنيا، وأما أن تفسر بافناء الأشياء، ثم اعادة مثلها، كولد يموت ثم يولد آخر، فضعيف فيما قيل، ولا ضعف فيه إذا علموا أن المبدئ لها والمفنى والمعيد لمثلها، هو الله، وأل فى الخلق للجنس ليشمل ما اختلف فيه، كمطلق الحيوانات.
{ ومَن يْرزقُكم من السَّماءِ والأرْض } ماء وثماراً وما يتولد من الأرض للحيوانات سبباً للحم واللبن والعسل وغير ذلك { أإلهٌ مع الله } يقدر على ذلك، ومن لم يقدر فليس بإله { قل هاتوا } على دعوى الشركة { برهانكم } حجتكم عقلية أو نقلية، ولو ضعفت ولا يجدونها، أو حجتكم للقوية كما هو ظاهر لفظ برهان، فذلك استهزاء بهم، وليس المراد برهانكم على ان الله لا يفعل ذلك، لأنهم لا ينكرون ذلك { إنْ كنْتُم صادقين } فى دعوى الشركة.