خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَـٰذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَـٰذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَٱسْتَغَاثَهُ ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى ٱلَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ
١٥
-القصص

تيسير التفسير

{ ودخَل المَدينَة } عن ابن عباس منف، وقيل: عين شمس، وقيل: حابين على فرسخين من مصر، وقيل: الإسكندرية، وقيل قصر فرعون، والأولى أنها مصر، وهو أشهر { على حِين } فى حين { غَفْلةٍ } عظيمة { من أهْلها } ثابتة منهم لا يتوقعون دخوله، وهو القائلة عند ابن عباس، وعنه بين المغرب والعشاء، وقيل فى عيد لشغلهم كان مختفياً لاخراج فرعون له منها، إذ جاهزة وقومه بما يكرهون، فدخلها عفية إذ خرج فرعون منها راكباً الى بلد { فَوَجَد فيها رجُلين يقتتلان } فى أمر دينى، أو لأن الكافر يستحمل الحطب على الاسرائيلي الى مطبخ فرعون، والكافر خباز له، ومن العجيب العدول عن كونه نعتاً الى كونه حالا، لمجرد إجازة سيبويه حال النكرة بلا شرط.
{ هَذا مِن شِيعَتِه } أتباعه فى الدين أو فى الدنيا، ولو كافرا أو فاسقاً، وشيعته بنو إسرائيل، وليسوا كلهم موحدين، ولا كلهم موفين، بل فيهم فساد فى الأعصار بعد يعقوب، وقد قيل: ان هذا هو السامرى { وهَذا من عَدوِّه } فى الدين وهم القبط أو غيرهم، واسمه قانون، وإشارة القرب استحضار للغائب، أيكون كالمشاهد { فاستغاثه الَّذى من شِيعَته } بنى إسرائيل، وكان بنو إسرائيل يظنونه أخاً لهم من الرضاعة، وكان يركب إذا ركب فرعون على أفضل الدواب، ويلبس لباساً أجود ما يكون، ثم عرفوا أنه منهم أباً وأماً، ولما بلغ أشده كان يرد عن بنى إسرائيل الظلم.
{ على الَّذى مِنْ عَدوه } عداء بعلى لتضمنه معنى استنصر كما قال: استنصره بالأمس، أو معنى استعان كما قيل قُرىء به، ومن العجيب تقدير الذى هو من شيعته، على الذى هو من عدوه، مع عدم الدليل عليه، مع الاستغناء عنه { فَوكَزه مُوسَى } ضربه برءوس أصابعه، أو برءوس الإبهام والسبابة والوسطى، أو بيده مضمومة الأصابع، وقيل بعصاً وهى غير المشهورة، فإن المشهورة كانت له بعد حين، كان عند شعيب، والهاء للذى من عدوه، ويقال: لما اشتد الكلام قال القبطى لموسى لقد هممت أن أستحملك الحطب، وإنما استحملته الحطب الى مطبخ أبيك، فاشتد غضب موسى فوكزه، وهذا خطأ فانه لا يجوز فى حق موسى ومن دونه أن يغضب لمثل هذا حتى يقتل قائله، أو يفعل ما دون القتل، ومن نسب ذلك لموسى هلك، إلا إن تأول.
{ فقضى } موسى { عليه } أهلكه، وأصله أنهى حياته، ولكن ذلك مقول للقتل، فلا حاجة الى تأويله بأوقع القضاء عليه، وذلك حقيقة، لأن المعنى قتله، ولو فسر بأماته كان مجازاً، وقيل: قضى الله عليه بالموت، وقيل: قضى عليه الوكز، والأول أولى، ولما قتله دفنه فى الرمل { قال } موسى { هذا مِن عَمَل الشيطان } هذا الوكز، أو هذا القضاء حصل لى من تزيينه، أو من اعماله التى يعملها تبعته، فعملت مثل ما يعمل، أو هذا المقتول أهل عمل الشيطان أو عمل هذا المقتول من عمل الشيطان { إنَّه عدو } لى ولسائر المسلمين { مُضل } لغيره ما استطاع { مُبينٌ } ظاهر خبر لإن ثان وثالث، أو نعتان لعدو، وأما ان يكون مبين نعتاً لمضل فلا، لأنه صفة مثله، فلا طالب نعتاً ولا يتنازع عدو، ومضل فى مبين كل يطلبه نعتا لما علمت أن الصفة لا تطلب النعت حتى تنزل منزلة الجامد بوجه، ولأنه لا يقع التنازع فى النعت، لأن المهمل يضمر له، والنعت لا يكون ضميراً، وإن أريد بالتنازع مطلق الطلب لا النحوى فمضل لا يطلبه.