خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ سُبْحَانَ ٱللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ
٦٨
-القصص

تيسير التفسير

{ وربُّك يخْلق ما يشَاءُ } من الأجسام والأعراض، والطاعة والمعصية وغيرهما، وذلك عموم بين ما فيه بقوله: { ويختار } أى يختار في خلقه ما فيه الحكمة، بمعنى لا يخلق إلا ما فيه الحكمة، أو يخلق باختياره لا باجبار حاشاه، أو يخلق بدون نظر الى ما يحب خلقه إذا خلقهم { ما كان لَهُم الخِيرَة } اختيار فى أن يخلقوا وقت كذا، أو على صفة كذا قبل خلقهم إذ هم عدم، ولا أن يراد فى خلقهم، أو ينقص بعد وجودهم، أو يكون الأمر كذا كقول من قال: " { لولا نزل هذا القرآن على رجل } "[الزخرف: 31] وقول اليهود: لو كان يأتيك غير جبريل لآمنا بك، لأنه ملك العذاب، ولا دليل للمجبرة فى الآية، فإن للعبد اختيارا مخلوقا لله عز وجل، يشاهده من نفسه إذ قدر أن يفعل، وأن لا يفعل، فيعمد الى أحدهما، وأجيز أن تكون ما مفعولا ليختار، وكان تامة أى اختار ما حصل، ولهم الخيرة مستأنف مثبت، أى للخلق اختيار فى أفعالهم وتروكهم، به عوقبوا وأثيبوا، وإلا كان الله ظالما للعباد إذ عذبهم على ما أجبرهم، وقد نص الله عز وجل أنه لا يوصف بالظلم، وكان غير حكيم إذا أجبرهم على فعل وفعلوه بلا اختيار، وأثابهم وقد نص الله بأنه عزيز حكيم.
{ سبحان الله } تسبح الله تسبحا أى تنزه تنزها عن أن يكون أحد مشاركا له فى الخلق أو الاختيار، وهذا اخبار كما ترى، ويناسبه قوله: { وتعالى } فإنه إخبار، وليس سبحان هنا أمرا بالتنزيه { عما يُشْركُون } عن إشراكهم، وما مصدرية، وهو أولى من جعلها اسما موصولا، أو نكرة موصوفة على تقدير تعالى عن مشاركة ما يشركونه به لكثرة الحذف، أو تعجيب من اشراك من يضرهم، وهو عاجز بمن يريد لهم كل خير، قادرا على كل شىء، وهو متعلق بتعالى، ويجوز أن يتنازع فيه سبحانه وتعالى أى سبحان الله عنه، أى عن الاشراك، وتعالى عن الاشراك.