خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ
٧٨
-القصص

تيسير التفسير

{ قال إنَّما أوتيتُه } الهاء عائد الى ما من قوله: "فيما آتاك الله" { على عِلْمٍ } خصصت به من بين الناس، أو لأجل علم أو حال من تاء أوتيت { عِنْدى } نعت لعلم، وهو علم التوراة، وهو أعلم بنى إسرائيل بها، وقال أبو سليمان الدارانى المنسوب الى داران، موضع بأندلس علم التجارة والكسب، وقال ابن المسيب: علم الكيمياء وهو المتبادر، قيل: كان موسى عليه السلام يعلمه، فعلم يوشع بن نون ثلثه، وكالب بن يوقنا ثلثه، وقارون ثلثه، فتعلم منهما ثلثيهما ففاق فيه، وقيل: علمه موسى أخته فعلمته قارون، أو علم من التواريخ أو القصاص، وقيل: علم استخراج الدفائن، وقيل: على علم من الله عندى علمنيه، وليس فى هذا كفر بخلاف ما قيل من الأقوال، ففيه إشارة الى استقلاله عن الله فى ذلك، وهو كفر إلا أن قوله: "أوتيته" إن أراد أن الله آتانيه فاعتراف، ولا يخلو عن كفر لأنه أراد أنى متأهل لذلك بالذات، ولفظ الكيمياء يونانى، ومعناه الحيلة، أو عبرانى، ومعناه كيم يه بمعنى أنه من الله، أو فارسى وأصله كى ميا بمعنى متى يجىء، وهو استبعاد.
{ أو لم يعلم أن الله قَد أهْلَك من قَبْله مِن القُرونِ مَنْ هُو أشدّ منه قُوةً } فى العقل والبدن { وأكثْر جَمْعاً } جمع الرجال، أو جمع المال، وهذا مما يبين كذب من قال مفاتيحه وقْر سبعين بغلا من الجلد كالأصْبع فان الله عز وجل لم يعط أحدا قبله ذلك، ولا أكثر منه، والهمزة للإنكار مما بعد الواو، أو دخلت على محذوف كما يعلم من نظائره، أى أعلم ما ادعاه، ولم يعلم أن الله إلخ.
بلغ { ولا يُسأل عن ذنُوبهم المجْرمُون } عطف على
" { إنَّ قارون كان من قوم موسى } "[القصص: 76] عطف قصة على أخرى، أو حال من ضمير أهلك، أو من الموصول أى أو لم يعلم أن الله أهلك العصاة قبله، والحال أنه عالم بهم لا يحتاج الى السؤال عنهم، وكذا قارون، علم الله ذنوبه لا تخفى عنه، فهلا خاف الهلاك فخذ هذا ولا تخرج عن ذهنك جوازه، والسؤال فى الدنيا، والمجرمون على العموم، أو من قبله، وإن شئت فالسؤال فى الآخرة لا يسألهم يوم القيامة سؤال استعلام لعلمه بهم، ولا الملائكة لعلمهم بهم من صحائفهم، ومن سيماهم " { يعرف المجرمون بسيماهم } "[الرحمن: 41] وأما قوله تعالى: " { لنسألنهم أجمعين } "[الحجر: 92] فسؤال توبيخ لا استعلام، أو هو فى الموضعين توبيخ لا يسألون فى موطن إهانة لهم، وشدة الغضب، ويسألون فى آخر توبيخا، والأول أولى، ولا تعطف على أن الله قد أهلك لأنه لم يقل، وأنه لا يسأل.