خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُواْ خَاطِئِينَ
٨
-القصص

تيسير التفسير

{ فالتقطه } أى التقط موسى من التابوت، أو التقط ليكون موسى لهم عدوًّا وحزناً، والالتقاط أخذ الشىء الموجود على الاطلاق، لا ما قيل أخذ الموجود من غير طلب { آل فرعَوْن } أرضعته ثلاثة أشهر أو أربعة أو ثمانية، واشتد إلحاح فرعون فى طلب الولدان، فخافت عليه، فألقته فى اليم، فالتقطه آل فرعون، روى أنه لما رأته قابلة فرعون الموكلة بحبالى بنى إسرائيل، دخل حبه قلبها، وكل مفصل وسألتها أمه الستر عليها للحب الذى بينهما، فأنعمت لها فقالت لأمه احفظيه، فخرجت فدخل عيون فلفته فى خرقة وألقته فى تنور مسجور دهشا، ولم تدر، ولم يجدوا شيئاً، فخرجوا ولم يروا أثر النفاس، وقالوا: لم دخلت عليك القابلة؟ فقالت كانت مصافية لى وزارتنى، سمعت بكاء فى التنور فأخرجته سالما، جعل الله له النار بردا وسلاما كجده إبراهيم عليهما السلام.
ولما خافت عليه، صنعت له تابوتا، طلت داخله بقار، قيل جعلت مفتاحة من داخل، قلت: فمن يفتحه من داخل؟ قيل طلبت من نجار تابوتاً تستر فيه صبياً، فصنع لها، فذهب ليخبرها الذبَّاحين، فأخرصه الله، فجعل يشير لهم وأعياهم أمره، فضربوه وأخرجوه، ثم رجع نطقه، فرجع ليخبرهم فوصل إليهم فأخرصه الله تعالة وأعماه، فضربوه وأخرجوه، فوعد الله لئن شفى ليؤمنن بهذا الطفل ويكونن من أعوانه، فشفاه فخر ساجداً، وألقته فى النيل عند أحجار عند بيت فرعون، فخرجت جوارى آسية امرأة فرعون يغتسلن، فأخذته اليها، ولم يجر الماء به على هذا، وظننه مالا، ففتحنه فأحبته آسية حبا شديدا، فلم تزل تكلم فرعون فى تركه حتى تركه.
وقيل جرى به الماء حتى تعلق بشجرة فرآه فرعون وآسية وبنته وجواريها من الشاطئ فقال: إيتونى به، فابتدره أهل السفن فعالجوا فتحه ولم يطيقوه، وأرادوا كسره، فكشف الله عز وجل لآسية بنور من داخله، ففتحته، وبين عينيه نور يمص لبنا من أصبعه، وألقى الله محبته فى قلبها، وفى قلوب الكل، وقالوا هو الذى حذرت منه، ألقى فى البحر فاقتله، فلم تزل به آسية حتى تركه، ولما رأته بنت لفرعون وماله ولد سواها برصاء برئت فى حينها، وقد أعى الأطباء علاج برصها.
وروى أنه قيل له: تبرأ بريق صبى يخرج من البحر يوم كذا من شهر كذا، حين تشرق الشمس، فلطخت به فبرأت، والالتقاط أخذ الشىء رغبة فيه لغرض، كما هنا علله بليكون، والآل أصله فى الأشراف وقل استعماله فى غيرهم كما هنا، أو هنا أشراف فى الصورة، أو باعتبار عند فرعون، أو تغليب لآسية رضى الله عنها.
{ ليَكُون لَهم عدوًّا وحزَناً } سبب حزن أو نفس حزن فيه مبالغة، سبه كونه عدوًّا وحزناً بكونه ابناً مرجو النفع لجامع أن كلا كلا آخر ربتة كتشبيه الأسد بالنعجة، وذلك بالكناية، واللام قريبة على حقيقتها، أو شبه ترتب الحزن والعداوة بترتب التبنى والنفع على التبعية، واللام قرينة ومجاز تشبيهامبينا على مطلق ترتيب ما لم يرد على ما أريد بطريق الأصالة، أو شبه كونه عدواً وحزناً بكونه ابناً ونافعاً، ويتولد من ذلك تشبيه ترتبه بترتب التبنى والنفع، فاللام مستعارة ويجوز أن يكون المراد لظن أن يكون لهم عدواً وحزناً، فحذف المضاف فلا مجاز، أى التقطوه من التابوت ليقتلون لظن أن يكون لهم عدوا وحزنا.
{ إنّ فرعَون وهامان وجنُودَهما كانُوا خاطئين } فى رأيهم وسيرتهم، إذ قتلوا تسعين ألف وليد فيما قيل ليوافقوا قتل من يزيل ملكهما، وربوه بأيديهم، فعاقبهم بتربيته فى أيديهم، أو فى أنهم لم يشعروا أنه الذى يذهب ملكهم، أو خاطئين آثمين.