خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَتِ ٱمْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لاَ تَقْتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ
٩
-القصص

تيسير التفسير

{ وقالت امرأة فرعَون } حين أخرجته من التابوت، أو بعد ذلك حين ألح فى قتله، وهى آسية بنت مراحم بن عبيد بن الريان بن الوليد فرعون يوسف فى مصر، وقيل هى من سبط موسى، فتكون إسرائيلية، ويبعد ما قيل إنها عمته { قرةُ عين } هذه قرة عين، أو هو قرة عين { لى ولَكَ } وأجابها فرعون بأنه قرة عين لك لا لى، إذ قضى الله بموته كافرا، ولكون مصلحتها أهم عند فرعون قدمت لى، ولتأكيد كونه قرة لم تقل قرة لنا بل قالت: لى ولك { لا تقتلوه } استئناف منها، وكان ذلك كله منها لالقاء الله تعالى حبه فى قلبها، ولما رأت من نور من الصندوق، وبين عينيه وشفاء بنت فرعون بريقه، والخطاب بالواو لفرعون تعظيماً مثل: " { رب ارجعون } "[المؤمنون: 99] ويكون ذلك فى الغيبة أيضا، ولا يختص ذلك بالتكلم، كما زعم بعض، وينبغى إبقاء الكلام على ذلك، إذا تبادر، وقيل لفرعون والحاضرين القائلين اقتله، فانه الموعود به أو لفرعون، ومن يريد القتل، ولو غائباً أو للمأمورين الحاضرين بقتل الصبيان بعد أن استعطفت عليه فرعون، وهو أنسب إذ حضروا.
{ عَسَى أنْ ينْفَعنا } بعد لما رأينا من حسن طلعته ببركته، نفعنا بشفاء البنت { أو نتَّخذهُ ولداً } فانه لبركته وجماله أنسب بالملوك، عللت النهى عن قتله بما ينافى المترقب من العداوة والحزن، وهو النفع والتبنى إلهاما من الله تعالى، وكأنها قالت مثلا للحاضرين المأمورين بالقتل لا تحرموا فرعون وإيانا من بركة هذا الولد وتبنيه، وأما عدم قولها أن ينفعنى وينفعك، فليس لذلك، فانها ولو قالت لى ولك لا يلزمها ذلك للطول لو قالت: عسى أن ينفعنى وينفعك، ولا سيما لو قالت: واتخذه ولداً وتتخذه ولداً.
{ وهُم لا يشْعرونَ } أنهم على خطأ عظيم فى استبقائه لأنه المفسد لملكهم، والعدو والحزن، وقيل لا يشعرون أنى أفعل ما أريد، روى أن فرعون لما نظر اليه قال هذا عدو، غير أنى كيف أخطأ الذبح واغتاظ، فقالت آسية: هذا الوليد أكبر من سنتين، وأنت أمرت بذبح ولدان هذه السنة، وقيل قالت له: إنه ليس من بنى إسرائيل، بل هو غريب من أرض أخرى، ولعلها قالت القولين جميعا، والجملة حال من آل فرعون، أو من امرأة، والضمير لها تعظيماً، وهو خلاف الأصل لا من امرأة، وفرعون إذ لم يجمعها عامل فى: { قالت امرأة فرعون } وذلك من كلام الله عز وجل، ويجوز أن يكون من كلامها، على أن الجملة حال من ضمير نتخذ، وعلى أن الضميرين فى { هم لا يشعرون } للناس مطلقا، بمعنى أن نتخذه ولداً، والناس لا يشعرون أنه غير ولدنا، وفيه ضعف لشهرة أنه الذى أخرج من التابوت، وأنه ليس ابنا لفرعون وماله ولد غير البرصاء.