خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ
١٤
-آل عمران

تيسير التفسير

{ رُيِّنَ لِلنّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } المشتهيات مبالغة، كأنها نفس الاشتهاء، أى زين الله ابتلاء الناس مطلقا، وخذلانا للاشقياء زينة لها لنبلوهم، وهو إمالته القلب إليها، ويدل له قول عمر، اللهم لا صبر لنا على ما زينت لنا إلا بك، رواه البخارى، وقوله تعالى، { { زينا لهم أعمالهم } [النمل: 4] ونحو ذلك ن فالتزيين بمعنى الخلق والخذلان، أو زين الشيطان بالوسوسة والإغراء، حتى كأنه تلفظ لهم بها أمرا، لأن المقام لذم الدنيا، ويدل له قوله تعالى، { { وزين لهم الشيطان أعمالهم } [النمل: 24، العنكبوت: 38]، وكل فعل أو اعتقاد أو نطق اختيارى طاعة أو معصية مخلوق لله، ولله فاعله، أى خالقه، إلا أنه تجنب عبارة السوء، مثل فاعل الزنا مع أنه بمعنى خالفه، ومثل خالق القردة والخنازير إلا أن يقال والإبل والبقر ونحو ذلك، ولا يحض الله على المعصية، إلا أن من الشهوات ما هو من أسباب السعادة على وجه يرضاه الله، أو من أسباب التعيش وبقاء النوع الإنسانى، فالله آمر به، كما ورد، نعم الشهوات إذا وافقت الشرع، وقال الجبائى، تزيين المباح، والعبادة من الله، وتزيين المحرم من الشيطان. وإسناد التزيين للحب مبالغة، لأن المزين حقيقة هو المشتهيات، والحب اضطرارى، حتى كأنهم يشتهون أن يشتهوها، كما يقال المريض، ما تشتهى فيقول، اشتهى ان اشتهى، أو المراد أن الشهوات خسيسة في الأصل، فلا يحيها عاقل إلا بتحبب من الله الخالق لكل شىء { مِنَ النِّسَآءِ وَالبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقنطَرةِ مِنَ الذَّهَبِ } من معنى الذهاب { وَالْفِضَّة } من معنى التفرق { وَالْخَيْلِ المَسْوَّمَةِ وَالأَنعَامِ وَالْحرْثِ } أى المحروث، حبا أو بقلا أو تمرا، قدم النساء لتقدمهن في الوجود، ولأصالتهن للمولد ولعراقتهن في الشهوة، وهن حبائل الشيطان والالتذاذ بهن أكثر، والاستئناس بهن أَتم وأقرب إلى الافتتان، وفى الحديث، "ما نزلت فتنة أضر على الرجال من النساء، ما رأيت أسلب للب الرجل الحكيم، أو قال، الحزيم منكن" ، وروى، "ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء" ، وفيهن فتنتان، يقطعن بين الأهل، وينسين فى جمع المال من الحلال والحرام، والولد فتنة واحدة، يكون سببا لجمع المال، وقدم الابن لأنه أهم وأحب من المال لمحتاجه، والمال يجمع له. كما جاء، الولد مبخلة مجبنة، وهو مقدم فى مقام الفخر، وأخر في الآية المتقدمة لمقام المال عند نزول النوائب والمصائب، وهو أول عدة يفزع إليها، ولم يذكر البنات لعدم اطراد حبهن، وقيل، دخلن في البنين، والقنطار فعلال بإصالة النون، وأو فنعال بزيادتها وهو أولى لمناسبة قطر إذا سال، ولا وجه لكونه من قنط وأنه زيدت الراء للإلحاق، بل إذا صبر إلى الزيادة للإلحاق فالمزيد النون، لأنه من حروفها، والمقنطرة تأكيد بالمبالغة، كظل ظليل، ويوم أيوم، وليلة ليلاء، ونسيا منسيا، وحجرا محجورا، وداهية دهياء، وشعر شاعر، وبدرة مبدرة، وهى عشرة آلاف درهم، والقنطار المال الكثير ورجح، أو مائة ألف دينار , وعن أبى سعد، ملء جلد الثور ذهبا، أوسبعون ألف دينار، ونسب لمجاهد، أو أربعون ألف مثقال ومائة درهم، أو دية النفس، أو مائة رطل أو إِثنا عشر ألف أوقية. وأخرج الحاكم عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم، "القنطار ألف أوقية" ، وأخرج ابن أبى حاتم عنه "ألف دينار" وروى عن ابن عباس ألف ينار، وألف درهم. وعنه ألف ومائتا دينار ومن الفضة ألف ومائتا مثقال. وعن أبى صالح، مائة رطل من الذهب قال قتادة، أو ثمانون ألف رطل من الفضة. وعن أبى بلو، خمسة عشر ألف مثقال، وقيل: ما بين السماء والأرض. وعن أُبىّ كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم: " القنطار ألف أوقية" ، وبه قال معاذ وعبد الله بن عمر وأبو هريرة، ورجح وقال ابن المسيب، ثمانون ألف دينار أو غير ذلك والمسومة المعلّمة خلقة كالغرّاء المحجلة، أو المرعية أو الحسان التامة الخلق، والسيمى الحسنى، وسميت خيلاء لأنها في مشيها كالمختال في مشيه، قيل، بطول أَذنابها، أو لأنها تتخيل في صورة من هو أعظم منها. ومن حديث علىّ عن النبى صلى الله عليه وسلم، "إن الله عز وجل خلق الفرس من الريح" . وعن كعب، "من ريح الجنوب" ، وعنه، "تجيب صاحبها بما سمعت منه من تسبيح أو تهليل أو تكبير" { ذَلِكَ } المزين بفتح الياء، كله { مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } يتمتع به، ويغنى مع ما فيه من الكدر، تكفر المرأة العشير، كما جاء، أن المرء مفتون بولده { وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَئَابِ } المرجع، وهو الجنة فاكتسبوها بذلك، أو بترك تلك الأموال.