خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ مِنَ ٱلنَّاسِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٢١
-آل عمران

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذِينَ } خبر إن هو قوله: { { أولئك حبطت أعمالهم } [التوبة: 17، 69]، وأما فبشرهم فمعترض، أو عطف طلب على إخبار، وهو الصلة، والمراد قوم مخصوصون من اليهود، لا كل من يفعل ذلك، فليس فيه عموم الشرط، فلا تقل الخبر بشرهم، وقرن بالفاء لشبهه بالشرط { يَكْفُرُون بِأيآتِ اللهِ } هذا المضارع وما بعده لحكاية الحال الماضية، وهم اليهود الماضون ، إذ كفروا ببعض التوراة وقتلوا الأنبياء كما قال { وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ } أل للحقيقة هكذا، أو للحقيقة المعهودة فى غيرهذه الآية مما فيه أنهم قتلوا الأنبياء { بِغَيْرِ حَقٍّ } توكيد لخطئهم، كقولك أمس الدابر، لأن قتل الأنبياء لا يكون إلا بغير حق، أو بغير حق فى اعتقادهم، كما أنه غير حق فى نفس لأمر { وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ } العدل، وهو الإيمان والعمل الصالح وترك الظلم والعدل { مِنَ النّاسِ } اليهود، تقدم ذكر قتلهم الأنبياء، ويروى أنهم قتلوا ثلاثة وأربعين نبيَّا أول اليوم، فنهاهم مائة وسبعون، وقيل مائة واثنا عشر من عبادهم، فقتلوهم آخر يومهم، ذكر الله عز وجل كفر أوائلهم وقتلهم من يحق له القتل، تعنيفا لهم، لرضاهم عنهم ومدحهم الجملة مع تلك المساوئ، ويجوز أن يكون المراد بالذين يكفرون ويقتلون الأنبياء ويقتلون الذين يأمرون بالقسط اليهود الذين فى عصره صلى الله عليه وسلم، وصفهم بالقتل وبالكفر بالآيات لرضاهم عن من كفر بها من أسلافهم، ولعدم خلوهم عن الكفر ببعض التوراة، ولرضاهم عن من قتل لأنبياء، وقيل الذين يأمرون بالقسط، ولقصدهم قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسم، وإلقاء الصخرة عليه، وبالسحر وغير ذلك، وقتلهم بعض المؤمنين، ولقصدهم قتل المؤمنين الآمرين بالقسط من جملة الناس، رض واحد رأس مؤمنة، وأكل صحابى مع النبى صلى الله عليه وسلم من الشاة المسمومة فمات، وعليه فالمضارع للاستمرار على قصد ذلك وعلى فعله لو وجدوه كما قصدوه، وكرر ذكر القتل للتفاوت بين قتل الأنبياء وقتل من دونهم من الآمرين بالقسط أو لاختلافهما فى الوقت، ولأن الأول على تبليغ الوحى، والثانى على الأمر بالعدل { فَبَشِّرْهُم } أخبرهم، استعمال للمقيد فى المطلق، أو تهكم بهم، لأن التبشير إنما هو فى الخير، وأصله من ظهور اثر الفرح على البشرة، أى الجلدة من الوجه { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ }.