خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ
٨١
-آل عمران

تيسير التفسير

{ وَإذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِيّنَ } أمرهم أن يعطوا الله الميثاق فى الإيمان بمحمد فأعطوه، فأخذه منهم، أو أخذه منهم بمعنى إلزامه إياهم الميثاق بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، فإذا لزمهم ذلك فأولى أن يلزمهم أممهم، والعهد مع المتبوع عهد مع التابع أو أراد ميثاق النبيين وأممهم فحذف، والأولى أولى، لأن المفهوم أولى من المضمر إذا احتملا، أو أراد الميثاق الذى وثقوه على أممهم، أو ميثاق أولاد النبييين هم بنو إسرائيل، ويبعد أنه سمى بنى إسرائيل أنبياء تهكما بهم، إذ قالوا، نحن أولى بالنبوة من محمد، لأنا أهل كتاب والنبييون منا، ونحن أبناء الله وأحباؤه وقد أئتمنهم على الإيمان به فكفروا، فقال، وإذ أخذ الله ميثاق هؤلاء النبيين، كمن أئتمنه على شىء فجاز وادعى الوفاء أو لم يدعه، فقلت له، يا أمين، ماذا صنعت بأمانتى، وخرج أبو يعلى عن جابر بن عبيد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تسألوا أهل الكتاب عن شىء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فإما أن تصدقوا بباطل، وإما أن تكذبوا بحق، وإنه والله لو كان موسى حيّاً بين أظهرهم ما حل له إلا أن يتبعنى" { لَمَا ءَاتَيْتُكُم } اللام للابتداء أو موطئة، وما مبتدأ شرطية، أو موصولة، والرابط الهاء فى به عائدة لما، لا لرسول، وجملة لتؤمنن به مع القسم المقدر خبر أو جواب، أى فوالله لتؤمنن به، وجملة جواب القسم لا محل لها، والقسم وجوابه محله الجزم أو الرفع، وجملة لما الخ جواب ميثاق، أو لتؤمنن به جواب قسم مقدر قبل لما، أو جواب ميثاق أغنى عن الخبر، أو عن جواب الشرط، ورابط الشرط محذوف، أى آتيناكموهم { مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ } محمد صلى الله عليه وسلم { مُّصَدِّقٌ لَّمَا مَعَكُمْ } هو ما آتاهم الله من كتاب وحكمة، وجملة جاءكم رسول عطفت على الصلة، ورابطها هو ما من قوله: لما معكم، لأن الذى منهم فهو الذى آتاهم { لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ } أى بما آتاكم، والإيمان بما آتاهم متضمن للإيمان بالرسول المصدق ولما معهم { وَلَتَنصُرُنَّهُ } أي الرسول المصدق لما معكم على الترتيب، كقولك لئن جاء زيد بولده لتكرمنه ولتجعلنه من جملة أولادك أى تكرم زيداً وتجعل ولده كولدك، أو لتنصرن ما آتاكم بالعمل له، أو لتؤمنن بالرسول ولتنصرن ما آتيناكم، كقولك، لئن جاء زيد على فرس لأضيِّفنه وأعلفَنَّها، ويجوز عود الهاءين للرسول، وبقدر رابط الخبر، أى لتؤمنن به فيه، فهاء فيه لما آبيناكم { قَالَ } للنبيين { ءَأَقْرَرْتُمْ } بذلك، والاستفهام تقرير، والمراد حمل المخاطب على الإقرار، ولذا أجابوا بأقررنا إنشاء { وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ } أى الإيمان والنصر { إِصْرِى } أى عهدى على أممكم، سمى إصراً لثقله، أو لأنه يأصر أى يشد، وكأنه قيل، فماذا قالوا: فقال { قَالُوا أَقْرَرْنَا } وأخذنا على ذلك إصرى فحذف للمسلم به مما قبل، قال سعيد بن جبير والحسن وطاوس أخذ الله الميثاق على كل نبى أن يؤمن بمن يأتى بعده من الأنبياء وينصره بنفسه وقومه، وإن لم يدركه أمر قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن أدركوه، فيؤمن آدم بشيث، وشيث بإدريس، وإدريس بنوح إلى أن يؤمن موسى بعيسى، وعيسى بمحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم، ولو لم يعلمهم بأسماء من بعدهم، وقال على وابن عباس وقتادة والسدى، أخذ الميثاق عَلَى النبيين كلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم، ويأمروا أقوامهم بالإيمان به ونصره، يأخذوا العهد عن أقوامهم فى ذلك إن ادركوه ونصروه { قَالَ } الله { فَاشْهَدُوا } اعزموا بقلوبكم فاشهدوا عَلَى أنفسكم وأتباعكم بذلك، أو ليشهد بعضكم عَلَى بعض، فكل واحد شاهد ومشهود عليه، أو فاشهدوا أيها الملائكة عَلَى الأنبياء وأممهم بالإقرار، ولكن لم يجر للملائكة ذكر، أو اشهدوا أيها الأنبياء على أممكم { وَأَنَا مَعَكُم مَّن الشَّاهِدِينَ } عليكم وَعَلَى أممكم بإقرار، وهذا تحذير عن النكث عظيم.