خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
٥٠
وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ
٥١
-الروم

تيسير التفسير

{ فانْظُر } الفاء للسببية، والدلالة على سرعة تاثر الارض وشجرها ونباتها وثمارها بالودق، كأنه متصل به بلا فصل مدة، والمراد بالامر بالنظر: التنبيه على عظم قدرته، وسعة رحمته سبحانه وتعالى وعز وجل، مع التمهيد للاستدلال بالبعث { آثار رحْمة الله } من خروج النبات، واخضرار ما يبس، وقوة ما ضعف، وازدياد ما قوى، واحوال الثمار { كيف يُحيْي الأرض بعْدَ موتها } الجملة بدل من آثار معلق عنه، انظر بكيف اى الى احيائه الارض احياء بديعا { إنَّ ذلك } العلى الشأن { لمحْيي المَوْتى } من الثقلين وغيرهما، كما احيا الارض سواء بقى بعض ذلك الفانى او لم يبقى، ولا يحتاج الى آلة ولا عادة ولا شئ يبنى عليه.
{ وهُوَ عَلى كلِّ شئ } اراده فعله او لم يفعله من الممكنات، واما المحال فهو تعالى الذي جعله محالا، يتنزه عنه { قديرٌ ولئن أرسلنا ريحاً } بعد اخضراره { فرأوه مُصفراً لظلوا } اى راوا النبات المفهوم من المقام، او المعبر عند بالاثر، او المدلول عليه به، قيل: او السحاب، لانه اذا اصفر لم يمطر، او الريح والاخيران ضعيفان، والاخير اضعف، والريح لا ترى بالعين، بل ترى لصفرة معها فى الاجسام، كالتراب الذي تثير، واللام دليل على قسم محذوف اى ووالله، او وبالله، او وبنا سد مسد جواب ان، وجواب الشرط مستقبل، وهو فى معنى نون التوكيد، من حيث انه جواب للقسم، كأنه قيل: ليظلن { من بعْده } بعد الارسال، او بعد اصفرار النبات، وقيل: بعد استبشارهم { يَكْفُرون } سراعا، ومصرحين لانهم فرحوا جدا بالودق، وكأنهم جزموا بنفعه، ولم يتوكلوا على الله عز وجل، فاشتد انقطاع النفع على قدر شدة فرحهم وجزعهم، فهم افرطوا فى الفرح والجزع، والواجب ان لا يشتد فرحهم، ولا يجزموا، لان الامر بيد الله تعالى، ولا يعلمون الغيب، فان تخلف رجاؤهم استغفروا ورجوه بعد، وبادروا للطاعة وصبروا.