خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ
١٣
-لقمان

تيسير التفسير

{ وإذْ } اذكر اذ او ظرف لآتينا على طريق العطف، وحذف المعطوف، اى آتيناه الحكمة اذ { قال لقْمانُ لابْنه } تاران قال الطبرى، وابن قتيبة، وقيل: اسمه مثان بثاء مثلثة، وقيل: انعم بفتح الهمزة والعين، وقيل: أشكر بفتح الهمزة والكاف، وقيل: مشكم بفتح الميم والكاف { وهُو يَعظُه } حال من لقمان اولى من ابنه، والوعظ زجر بتخويف او جلب بذكر الخوف، او زجر وجلب معا { يا بني } تصغير حب وشفقة { لا تُشْرك بالله } غيره فى عبادة ولا فى شئ، واختص بالله عز وجل كمن قال: إن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم احاط بعلم الله كله، لا فرق بينهما: الا ان علمه حادث ومظروف وغير ذاتى، وعلم الله قديم وذاتى، وليس تعالى ظرفا له، ومن قال ذلك اشرك، وكان ابن لقمان مشركا فكان ينهاه عن الشرك حتى اسلم، وكذا امراته.
وزعموا ان لقمان وضع جوابا من خردل، فكلما وعظه اخرج خردلة حتى نفذ الخردل فقال: يا بنى وعظتك موعظة، لو وعظتها جبلا لتفطر فتفطر، ولعل هذا كما قيل لم يزل يعظه، حتى مات اى مات الابن، ولعله ابن آخر له غير الذي اسلم، وقيل ابنه مسلم ونهيه عن الشرك تخذير له، وقيل الباء للقسم والجواب قوله:
{ إنَّ الشّرك لَظْلم عَظيمٌ } وما تقدم هو المتبادر، وعلى كل حال ان هذه الجملة من كلام لقمان تعليل للنهى عن الشرك الموجود او عن الوقوع فيه او قسم منه، وادعى بعض انها من الله عز وجل، ومن حكمته، قوله:
يا بنى ان الدنيا بحر عميق، وقد غرق فيها ناس كثير، فاجعل سفينتك فيها تقوى الله تعالى، وحشوها الايمان، وشراعها التوكل على الله تعالى، لعلك تنجو، ولا أراك ناجيا.
وقوله: يل بنى إياك والدين فانه ذل النهار وهم الليل.
وقوله: يا بنى ارج الله رجاء لا يجرك الى معصيته تعالى وخف الله تعالى خوفا لا يؤسك من رحمتة تعالى شأنه.
وقوله: يا بنى حملت الجندل والحديد، وكل شئ ثقيل فلم احمل شيئا هو اثقل من جار السوء، وذقت المرار فلم اذق شيئا هو امر من الفقر.
وقوله: يا بنى لا ترسل رسولك جاهلا، فان لم تجد حكيما فكن رسول نفسك.
يا بنى: اياك والكذب فانه شهى كلحم العصفور، عما قيل بقلى صاحبه.
يا بنى احضر الجنازة، ولا تحضر العرس، فان الجنائز تذكرك الاخرة، والعرس يشهيك الدنيا.
يا بنى لا تأكل شبعا على شبع، فان القاءك اياه للكلب خير لك من ان تأكله.
يا بنى لا تكن حلوا فتبلع، ولا مرا فتلفظ.
وقوله لابنه: لا يأكل طعامك الا الاشقياء، وشاور فى امورك العلماء.
وقوله: لا خير لك فى ان تتعلم ما لم تعلم، ولما تعمل بما قد علمت، فان مثل ذلك مثل رجل احتطب حطبا فحمل حزمة، وعجز عن حملها، فضم اليها اخرى.
وقول: يا بنى اذا اردت ان تؤاخى رجلا فاغضبه، فان انصفك فى غضبه، وإلا فاحذره.
وقوله: لتكن كلمتك طيبة، وليكن وجهك بسطا تكن احب الى الناس ممن يعطيهم العطاء.
وقوله: يا بنى انزل نفسك من صاحبك منزلة من لا حاجة له بك، ولا بذلك منه.
وقوله: يا بنى كن ممن لا ييتغى محمدة الناس، ولا يكسب ذمهم، فنفسه منه فى عناء، والناس منه فى راحة
وقوله: يا بنى امتنع مما يخرج من فيك فانك ما سكت سالم، وإنما ينبغى لك من القول ما ينفعك.
ومن حكمته قوله: من له من نفسه واعظ، كمن له من الله عز وجل حافظ، ومن انصف الناس من نفسه زاده الله بذلك عزا، والذل فى طاعة الله تبارك وتعالى اقرب من التعزز بالمعصية.
وقوله: ضرب الوالد لولده كالسماد للزرع.
وقوله: من كذب ذهب ماء وجهه، ومن ساء خلقه كثير غمه، ونقل الصخور من مواقعها ايسر من افهام من لا يفهم.
وشهد داود عليه السلام يسرد الدرع شهرا، ولما تمت لبسها وقال: نعم لبوس الحرب انت، فقال: نعم الصمت حكمة صبر عن السؤال عنها حتى نطق داود بانها للقتال.
وساله داود كيف اصبحت؟ فقال: اصبحت بيد غيرى.
وامره سيده ان ياتى باطيب ما فى الشاة فاتاه باللسان والقلب، ثم امره ان ياتى باخبث ما فيها فاتاه بهما وقال: هما اطيب شئ اذا طابا، واخبث شئ اذا خبثا فاعتقه لذلك.
ولا تناقض فى قوله: كن عالما او متعلما، ولا تكن ثالثا فتهلك، وقوله: كن عالما او متعلما او مستمعاً، ولا تكن رابعا فتهلك، وقوله: كن عالما او متعلما او مستمعا او مجيبا، ولا تكن خامسا فتهلك، بل ذلك اجمال معقب بتفصيل، فان المستمع والمجيب داخلان فى عالم، والعالم والمتعلم يتصوران بالاستماع، والمجيب اراد به المجيب بالعلم، وايضا لا عالم الا بتعلم، ولا تعلم الا بخطاب معلم ومواجهته، او بسماع معلم بلا مواجهة، ولا يتصور مجاوبة شرعية بلا علم.
وقال: لا مال كحصة، ولا نعيم كطيب نفس، وشر الناس الذي لا يبالى ان يراه الناس مسيئا، وعن وهب: ان لقمان تكلم باثنى عشر الف باب من الحكمة ادخلها الناس فى كلامهم وقضائهم.