خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي ٱلأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
١٨
-لقمان

تيسير التفسير

{ ولا تُصعِّر خدك للنَّاس } لا تمله للناس مواجهة به لهم تكبرا عن ان تواجههم بوجهك، وقيل اللام للتعليل، وقيل لا تمله للذل والحياء من الناس، والصحيح الاول لانه موافق لما بعده فى الزجر عن التكبر، ومن العجيب، تفسير الآية باعراضك عن رجل بينك وبينه محبة اذا لقيك، وكأن قائله اراد النهى عن القطع بعد الوصل، وتفسيرها بان يسلم عليك احد فتلوى وجهك تكبرا، وفسرها بعض باحتقار الفقراء والعموم هو الحق { ولا تَمْش في الأرض مَرحاً } فرحا معجبا بحالك انت من اهل الارض، فمالك والمشى مرحا لو حل المرح لمشاه اهل السماوات، والارض خلقت للعبادة، ومرحا حال اى ذا مرح او مرحا بكسر الراء قيل، او مبالغة وفيه ان يقال كأنه اجاز له ما دون المبالغة فى المرح، وهو لا يجوز، ويجاب بانه اراد السلب الكلى، او يباح القليل الذى لا يخلو منه الانسان، او مفعول مطلق لتمرح محذوفا حالا، او لتمش مضمنا تمرح، او مفعول من اجله، وذلك ان الانسان تارة يمشى ويخطر له المرح، وتارة يستأنف المشى ليمرح، وما تقدم أولى لعموم التارتين ويدل الحال قراءة بعض بكسر الراء.
{ إنَّ الله لا يُحِب كلَ مُختالٍ فَخُور } تعليل لما قبله، والاختيال التبخر فى المشىكبرا، ومنه سميت الخيل لاختيالها فى مشيها طبعا، او توهم الناس انها تختال، وقد قيل: لا يركب انسان الفرس الا وجد فى نفسه نخوة، وقد قيل: الاختيال التكبر الناشئ عن تخيل فضيلة تراءت للانسان من نفسه، والفخر والمباهاة بالاشياء الخارجة عن الانسان، كالمال والجاه والاولاد والنسب، وغير الخارجة كالجمال والفصاحة، وقد يعد منها النسب، ومن عد ماله او نحوه على جهة الشكر، فليس فخوراً الا ان عنى العلو على غيره ففخر، ولو ادعى الشكر، وقد ابطل ما توهمه شكرا، ومن عد ذلك ولم يقصد علوا ولا شكرا، فليس مفتخرا، والنفى هنا لعموم السلب لا لسلب العموم، فانه لا يحب بعضا ولا كلا، وكذا فى فخور الذى هو صفة مبالغة، فانه لا يحب المبالغ فى الفخر، ولا المفاخر الذى لم يبالغ فيه.
اللهم الا ان يتسامح فى قليل الفخر الذى يخلو منه الانسان، وما كان من الفخر او المرح لوجه الله، احبه الله عز وجل كالمرح فى صف الجهاد، وكالافتخار بالمال على عدو الدين، والاختيال يناسب الكبر والعجب، والفخر يناسب المشى مرحاً على اللف والنشر المرتب، وان قابلنا الماشى مرحا بالمختال والمصاعر بالفخور كانا لفا ونشراً معكوسا، وقيل الفخور مقبل للمصاعر، والمختار للماشى وآخر للفاصلة.