خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ وَٱخْشَوْاْ يَوْماً لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِٱللَّهِ ٱلْغَرُورُ
٣٣
-لقمان

تيسير التفسير

{ يا أيها النَّاس اتقوا ربكم } احذورا عقابه على الاشراك، فاتركوا الاشراك { واخْشوَا يَوماً } خافوا هوله، واستعدوا له بالتوحيد والعمل الصالح { لا يَجْزي وَالدٌ } انسان والد ذكرا او انثى، كما فى مولود ووالد بعد، وفى قوله: { عَنْ ولده } الجملة نعت ليوما، والرابط محذوف: اى لا يجزى فيه، وقبل حذف فى وانتصب محل الهاء على نزع الجار، فصار لا يجزيه فيه، وصار كرابط الموصول المنصوب بالمتعدى على المفعولية، وحذفه مقيس، فصار هذا كالمقيس، والاول اولى لان هذا تكلف ما اوصل إلا الى الشبه.
{ ولا مَولودٌ } مبتدأ { هُو جازٍ عن والده شيئاً } خبر، والجملة معطوفة على الاولى، والرابط محذوف، اى ولا مولود هو جاز فيه، ولا يحسن تقديرة مرة واحدة، يتنازع فيه يجزى، وجاز وشيئا مفعول به لجاز، ويقدر ضميره ليجزى ولا يثبت، لانه فضله عمل فيه الاول، وكذا ان جعلنا شئيا بمعنى جزاء مفعولا مطلقا يتنازعاه، والجزاء فى الموضعين القضاء، ولا يدفع احدهما عن الاخر تباعة او عذابا، او مولود معطوف على والد، وجملة هو جاز الخ نعت مولود مثبتة لا منفية، كما نفيت فى الاعراب الاول، فيكون الجزاء المثبت فى هذا النعت وهو قوله: { هو جاز } واقعا فى الدنيا، او معناه ان من شأنه الجزاء لوالده لعظم حق الوالد، والجزاء المنفى، بقوله: { ولا مولود } الجزاء فى الاخرة.
ويجوز ان يكون لا يجزى بمعنى لا يقبل، واكد فى قوله: { ولا مولود هو } الخ ما لم يؤكد قبله دفعا لما يتوهم الناس، او الوالد الذة يدخر الولد للنفع ان الولد يجزى عن والده شيئا يوم القيامة، كما يكفى عنه السوء فى الدنيا وجوبا وتفقها لعظم حقه عليه، اوأكد فيه ما يتوهم ان المسلم يشفع لابيه الكافر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: او بعده { ويا أيها الناس }خطاب لمن فى عهده صلى الله عليه وسلم، ولمن بعده الى يوم القيامة، وهكذا فى غير الموضع مما لا مانع فيه، فذلك تبليغ من مبلغ بعد مبلغ، ولا تتبع قول من قال خطاب لمن فى عهده فقط، واما غيره فبالاعلام، او اكد الكلام ايضا بلفظ مولود، لانه ولد الصلب، بخلاف الولد فانه يشمل ولد الولد، فاذا كان ولد الصلب لا يجزى، فأولى ان لا يجزى ولد الولد.
وقال بعض ايضا: الولد حقيقة فى ولد الصلب، والمولود فى الاية الكبير، فانا الذى يتوهم منه النفع والقدرة على النفع، او يراد الصغير فانه مع عدم اشتغاله بنفسه عن ابيه فى الدنيا، لا يدفع عنه فى الاخرة، فاولى ان لا يدفع عنه الكبير المشتغل بنفسه، وجاء ان الصبى يشفع لابيه المؤمن، وليس بجزاء، فلا ينافى الاية، وان قلنا: انه جزاء فلا بأس ايضا لتوقفه على القبول، والمنفى فى الاية على اطلاقه دون توقف على قبول.
{ إنَّ وعْد الله } بالثواب والعقاب، والخير، ويوم لا يجزى والد عن ولده، والوعيد يخص العذاب والسوء { حَقٌ } ثابت لا يختلف الثواب ولا العقاب، ولا الخير الموعود به مطلقا، ولا اليوم الموعود بانه لا يجزى فيه والد عن ولده { فَلا تغرنكم الحياةُ الدُّنيا } بلذاتها والرغبة فى صحبة الاشرار وموافقتهم { ولا يغرنكم بالله } عن الله يعدى بعن، لانه بمعنى لا يلهكم، فالباء بمعنى عن، او هى للبدل { الغَروُرُ } الشيطان بان يحملكم على الكفر والاصرار، وسائر المعاصى، وتسويق التوبة، وترجية المغفرة للتوحيد، ولو بلا وفاء وبلا يأس او للآلة او السبيبة، اى بذكر شئ من شأنه يجسركم عن المعصية، او الاصرار، وقيل: الغرور كل ما غرك حتى عصيت الله سبحانه، كمال وجاه وشيطان الجن او الانس، وقيل: الدنيا.