خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ
٩
-السجدة

تيسير التفسير

{ ثم سوَّاهُ } عدله فى الرحم بتكميل الاعضاء وتصويرها، واصل التسوية جعل الاجزاء او الاشياء متساوية، ونأخذ من ذلك ان اعضاء متساوية فى مطلق النفع بها، والاحساس، وثم للترتيب الرتبى فان تسويته اعلى مرتبة مما قبلها، او للترتيب الذكرى او للزمانى { ونَفَخ فيه مِن روحِه } بعض روحه، او من للابتداء، اى من الروح الذى هو ملك له، وهذه الاضافة تشريف بانه خلق عجيب كناقة الله، ونفخ الروح فيه مجاز عن تعليقها بالبدن، ويلزم من ذلك انها متجردة من البدن، كما هو رأى الفلاسفة، وبعض المتكلمين كالغزالى، وقيل: النفخ حقيقة وهو من الملك، ولا مجاز، وفى قوله: " { فنفخنا فيه من روحنا } " [التحريم: 12] مجاز فى الاسناد، او يقدر مضاف، الا ان يقال الاصل هنا، ونفخ الله فيه من روحه: بدليل فنفخنا فيه من روحنا، فيكون البناء للمفعول مأخوذا من مجاز الاسناد والصواب، ان الروح داخلة فى البدن كابتلال التراب بالماء، وكالماء فى العود الاخضر، وكالنار فى الجمر، وذلك معقول لنا كالمشاهد،هو الذي دلت عليه الاحاديث والاخبار، وظاهر الآيات.
{ وجَعَل } خلق { لَكُم } خاطب بعد الغيبة ليناسب تشريف الروح، بانها تعقل وتفهم الخطاب فى جسد كان قبلها كجماد، وقدم على طريقة الاعتناء بالمقدم والتشويق الى المؤخر، وقدم قوله: { السَّمْع } لان اكثر امور الدين بالاستماع والتعلم به، وكذا الدنيا، وافرد لان أصله مصدر، وهو الآن بمعنى الاذنين ليوافق الابصار والافئدة، فان المراد العيون والقلوب، ولا مانع من إبقائه على المعنى المصدرى كما يناسبه الافراد، او افرد لان اصله المصدر فنقول: أفرد لذلك ولكون مدركه واحد وهو الصوت.
{ والأبصار } مدرك البصر متعدد يدرك اللون والضوء والشكل، والحركة والسكون، والطول العرض { والأفئدة } مدركه متعدد، يدرك كل ما تدركه الحواس بواسطة الحواس، وتزيد عليها وتنصرف خلق ذلك لكم لتنتفعوا به، وتشكروا نعمته، وتستدلوا به على وحدانية الله عز وجل وقدرته، فتستمعون القرآن، وتعملوا به بعد فهمه، وتروا بأعينكم ما يدلكم، وتعتقدوا بأفئدتكم ما ادت اليه اسماعكم وابصاركم { قليلا } شكرا قليلا، او زمانا قليلا { ما تَشْكرون } ما صلة لتأكيد القلة، وقد يقع بعض صور االشكر من مشرك، ولا ينفعه وقيل القلة النفى.