خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ
١٠
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ إذْ } بدل كل من إذ، او متعلق ببصيرا او بتعلمون { جاءوكم من فوقِكُم } من اعلى الوادى، ونسبة الفوقية اليهم للملابسة، وانما الفوقية لبعض الوادى على بعض، او يقدر من فوق واديكم، والذين جاءوا منه غطفان، ومن تابعهم من اهل نجد، وبنو قريظة وبنو النضير { ومن أسفل منْكُم } مثل الذى قبله، وذلك من قبل المغرب، والذين جاءوا منه قريش ومن تابعهم من الاحابيش وبنى كنانة، واهل تهامة، وقيل من فوق بنى قريظة، ومن اسفل قريش واسد وغطفان وسليم، او المراد بالجهتين الاحاطة من كل جانب كقوله تعالى: { يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم } [العنكبوت: 55]. { وإذْ } عطف على إذ { زَاغَت } مالت عن منظرها حيرة، وعن كل شئ الا عدوها { الأبصار } العيون { وبلَغَت القُلُوب الحَنَاجر } خافوا خوفا شديداً معبرا عنه ببلوغ الحناجر، اذ لو تحركت عن موضعها لماتوا فيما قيل، وقيل: القلب يندفع عند الغضب، وعند الخوف يجتمع، ويلتحق بالحنجرة، فان سدها مات صاحبه اذ لا يقدر على التنفس، وقيل: تنتفخ الرئة من شدة الفزع والغضب والغم، فيرتفع القلب بارتفاعها الى الحنجرة، قال قتادة: تحركت عن مكانها، ولولا ضيق الحنجرة لدخلتها، روى احمد، ابى سعيد الخدرى: هل من شئ نقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال: "نعم اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا" فهزموا بالريح والجنود كما فى الآية.
{ وتظنُون بالله الظنونا } خطاب لكل من يظهر الايمان، الظن يصلح للقليل والكثير، لانه مصدر الا انه جمع دلالة به على الانواع المختلفة:
فمنها ظن المخلصين ان ينصرهم الله مع ذلك الهول، كما قالوا:
" { هذا ما وعدنا الله } " [الأحزاب: 22] الآية على ما سيأتى.
ومنها ظن المخلصين ان يمتحنهم فلا يتحملون، فيزلوا وذلك لا ينافى الاخلاص.
ومنها ظن المنافقين ان محمدا وأصحابه يستأصلون.
ومنها ظن المؤمنين النصر على الكفار من غير ان يكون لهم استيلاء عليهم، اولاً.
ومنها ظن المؤمنين ان ينصر العدو عليهم، ثم ينصروا عليه.
ومنها ظن المؤمنين ان العدو يستأصل المدينة فترجع الجاهلية، يخطر لهم هذا عجلة على طبيعة البشر عند الشدة مع علمهم بوعد النصر، ولا يعاقبون لضرورة الطبع.
ومنها ظن المؤمنين النصر بدون ان ينال العدو منهم شيئا.
ومنها ظن المؤمنين النصر بعد ان ينال منهم، او بعض ظن شيئا وبعض شيئا آخر.
والمتبادر ان الخطاب للمؤمنين وحدهم، كما استأنف للمنافقين بقوله:
" { وإذ يقول } " [الأحزاب: 12] والعطف على { زاغت الابصار } او على { بلغت } الخ فمقتضى الظاهر: وظننتم، فالمضارع لاستحضار ظنهم الماضى بمضارع الحال.
والوقف على الف الظنونا لثبوتها فى الامام، وتثبت ايضا فى الوصل قلت: يجب الوقف، ولا يجوز الوصل لانها قرئت الفا، وكتبت كما قيل فى اقتده، ثم رأيته لأبى عبيد، وكذا السبيلا، والرسولا، وحذفها ابو عمرو وصلا ووقفا، وحذفها ابن كثير والكسائى وحفص وصلا.