خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً
٣٥
-الأحزاب

تيسير التفسير

{ إنَّ المُسْلمينَ والمسلمات } قالت ام سلمة، كما لأحمد النسائى للنبى صلى الله عليه وسلم: مالنا لا نذكر فى القرآن كما تذكر الرجال؟ ولغير احمد قالت ذلك نساء النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله، ولغيره ايضا قالت ذلك ام سلمة وانيسة بنت كعب الانصارية، وقالت ام عمارة الانصارية، كما لابن جرير والترمذى: يا رسول الله ما ارى كل شئ الا للرجال، ما ارى النساء يذكرن بشئ، ودخلت نساء على نساء النبى صلى الله عليه وسلم، كما لابن جرير فقلن: قد ذكركن الله تعالى فى القرآن، وما يذكرنا بشئ أما فينا ما يذكر، وفى رواية لما ذكر ازواج النبى صلى الله عليه وسلم، قالت النساء: لو كان فينا خير لذكرنا، وفى رواية ان اسماء بنت عميس قال ذلك حين رجعت من الحبشة مع زوجها، جعفر بن ابى طالب، فأجابهن الله عز وجل، وأسماء، وأنيسة، وأم سلمة وأم عمارة بإنزال قوله تعالى: { إن المسلمين والمسلمات } الى { عظيماً }.
والمعنى من انقاد من الذكور والاناث لحكم الله تعالى، او من فوض امره الى الله عز وجل، واعلم ان الله عز وجل ذكر النساء اجمالاً فى القرآن، وخص فيها حفصة وعائشة فى قوله عز وجل:
" { إن تتوبا إلى الله } " [التحريم: 4] الخ، وذكرن ايضا خصوصا لا اجمالا فى هذه السورة فى آيات مثل قوله تعالى: " { يا نساء النبي } " [الأحزاب: 30، 32] وقوله: " { قل لأزواجك } " [الأحزاب: 28، 59].
{ والمؤمنين والمؤمنات } اخره ايذانا بان الانقياد للاحكام لا ينفع الا مع التصديق بكل ما يجب التصديق به { والقانِتين والقانتِات } القنوت المداومة على الطاعة { والصَّادقين والصادقات } فى الاقوال والافعال، وعن سعيد بن جبير فى ايمانهم { والصَّابرين والصَّابرات } على المصائب والمكاره، ومشاق العبادة، وعن الشهوات { والخاشعِين والخاشعات } الخشوع التواضع لله بالقلوب والجوارح، مع اعظام وخوف، ويتفاوت الناس فيه حتى ان منهم من لا يعرف فى صلاته، هل كان احد فى يمينه او شماله، كما روى ان عبدالله بن الزبير، صب على رأسه ماء حار فى سجوده، ولم يشعر حتى فرغ ورأى الأثر.
{ والمتصدقين والمتصدقات } لوجه الله تعالى فرضا ونفلا بمالهم وأبدانهم بالخدمة، والنفع بالالسنة { والصائمين والصائمات } فرضا ونفلا، وعن عكرمة، الفرض، فيناسبه ان يفسر الصدقة بالفرض كرمضان، ويقال: من تصدق فى كل اسبوع بدرهم، وصام من كل شهر ايام البيض، فهو من المتصدقين الصائمين، او من المتصدقات والصائمات.
{ والحافظين فروجَهُم والحافظات } عن الانكشاف بها فى غير ما بين الازواج، والسيد والسرية، وعن وصفها ومسها ولو من فوق الثوب، وعن التلذذ بمسها، ولو من فوق الثوب، والتلذذ بالنظر اليها من نفس الانسان، ولذلك ولكون الفرج مركب الشهوات التى لا يكاد احد يغلبها الا من حفظه الله ذكرها بالحفظ لا بالستر.
{ والذاكرين الله كَثيراً } ذكراً كثيراً او زمانا كثيراً، ويؤيد الاول قوله تعالى:
" { اذكروا الله ذكراً كثيراً } " [الأحزاب: 41] فقس على هذا { والَّذاكراتِ } اخره ليكون على وزان ما سبق، وهو فى نية التقديم على قوله: { الله كثيراً } او يقدر له، والذاكرات الله كثيراً، كما اخر الحافظات لذلك، وهو نية التقديم، وضمير الذكور للتغليب، او يقدر والحافظات فروجهن، وختم بالذكر لشرفة، ولذكر الله اكبر، وهو ذكر باللسان والقلب معاً، او بالقلب، وعن مجاهد لا يكتب الرجل من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعداً ومضطجعاً، موراده الاكثار، وليس فى قوة البشر اتصال ذلك.
ويقال: مدار الكثرة على العرف، وعن ابى سعيد الخدرى: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من ايقظ اهله وصليا ركعتين كتبا فى تلك الليلة من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" وعن عكرمة وغيره: ذكر الله شكر نعمه، وهو خلاف الظاهر { أعدَّ اللهُ لَهُم } لأجل تلك الصفات { مغْفرةً } لذنوبهم { وأجراً عَظِيماً } هو الجنة وما فيها لأعمالهم.
وعن عطاء: دخل فى المسلمين الخ من فوض امره إلى الله، وفى المؤمنين الخ من اقر بالله ورسوله موقنا، وفى القانتين الخ من ادى الفرض والسنة، وفى الصادقين من لا يكذب، وفى الصابرين الخ من صبر على الطاعة والمصيبة، وعن المعصية، وفى الخاشعين الخ من لا يعرف من بجانبه فى الصلاة، وفى المتصدقين الخ من تصدق فى كل اسبوع بدرهم، وفى الصائمين الخ من صام ايام البيض، وفى الحافظين الخ من حفظ فرجه عما لا يحل، وفى الذاكرين الخ من صلى الخمس.