خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ ٱلْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ
١٦
-سبأ

تيسير التفسير

{ فأعْرضُوا } عن الشكر أشركوا وعصوا، وكذبوا أنبياءهم { فأرْسلنا عَليْهم } لذلك { سَيْل العَرِم } الإضافة للبيان، أى هو العرم، أى الشديد الصعب، وهو معنى قولهم من إضافة الموصوف الى الصفة، كأنه قيل، السيل العرم بتعريف سيل بأل، ونصب العرم يقال عرم الرجل أى صعب وساء خلقه، ويجوز تقدير سيل الأمر العرم.
وقيل: العرم المطر الشديد، وقيل اسم للفأر الأحمر الأعمى الذى نقب عليهم السد، وكان يكثر الحفر برجليه ورآه ملكهم قلب صخرة ما يقلبها خمسون رجلا، وعليه فالاضافة لأدنى ملابسة كما فى تفسيره بما بنى ورفع ليمسك الماء إلا أنها فى هذا أقوى، وقيل: الوادى الذى يأتى منه السيل، وبنى السد فيه، وكان يجلب لهم ماء المطر مسيرة ثلاثة أيام فى اليمن فى مأرب، وسدوه بأمر ملكتهم بلقيس، حين رأتهم يتنازعون على الماء، قبل أن تتصل بسليمان عليه السلام، بين الجبلين بالصخر والجص والقطران، وجعلت له أبوابا ثلاثا بعضها فوق بعض يستقون على الأعلى، ثم من الثانى، ثم من الأول، فلا ينفد الماء الى السنة المقبلة، وماء الثلاثة ينصب فى بركة واحدا بعد واحد، إذ بنت من دونه بركة منها اثنا عشر مخرجا، على عدة أنها رهم، وكان الماء يخرج لهم على السوية.
وقيل: بناه حمير أبو القبائل اليمنية، وقيل بناه لقمان الأكبر ابن عاد، ورصف أحجارة بالرصاص والحديد، وكان فرسخا أرسل الله عليه سيلا حمله، والفأر خرقه، وقيل: للفأر أولاد يخرقون معه. وكان لهم علم بأن سيخرب، فجعلوا بين كل حجرين هرة فغالبت تلك الهرة فأرتها، فنقبت وغابت فى الثقب، وأفسد الجنان، وكثيرا من الناس ومساكنهم بالتراب، وقيل: فسدت بذهاب الماء ضائعا عنها.
{ وبدَّلناهم بجنَّتَيْهم } وكانتا فى غاية من الإثمار مع خصب الأرض، وقال تخرج المرأة وعلى رأسها المكتل تجرى وتعمل عملها، فيمتلىء مما يستاقط من الثمار { جنَّتَيْن } فى أرض جدبة لا ثمار لها نافعة { ذَوَاتَي أكُلٍ } مأكول أى ثمر مأكُول { خَمْط } حامض، أو مر، نعت أكل، أو شجر الأراك أو ثمره مطلقا أو إذا اسود، أو شجر الغضا أو الشجرة ذات الشوك المرة، أو ثمر شجر على صورة الخشاش، ويسمى البرير، وهو عطف بيان على جوازه فى النكرة، أو بدل، وفى الأوجه قبله غير الأول بدل أو بيان على حذف مضاف، أى أكل خمط أو يقدر ذواتى أكل ذى خَمْط.
{ وأثْل } ضرب من الطرفاء، ولها أربعة أصناف، أو الطرفاء مطلقا أو السمر { وشيء من سِدْر قليلٍ } شجر النبق، ورقة غسول يشبه العناب، أو ضرب من السدر له ثمر لا يؤكل ولا يصلح ورقة غسولا، يسمى الضال، وعلى الأول الانتقام بقلته أو بنقصه بالنظر الى ما أزيح عنهم من الثمار، روى داود عنه صلى الله عليه وسلم:
"من قطع سدرة صوب الله رأسه فى النار" والبيهقى أنه صلى الله عليه وسلم قال فى مرض موته: "اخرج يا على فقل عن الله لا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعن الله من يقطع السدر" وذلك فى قطع العبث، ولو كان فى ملك القاطع، أو ذلك فى سدر المدينة ليكون أنساً للمهاجر، وفيه ضعف، أو سدر الفلاة ليستظل به ابن السبيل والحيوان، أو سدر مكة لأنها حرم أو السدر المملوك.