خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِٱلآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفُيظٌ
٢١
-سبأ

تيسير التفسير

{ وما كانَ له عليهم من سلطانٍ } تسلط بالإغواء { إلا لنعلم مَن يُؤمن بالآخرة ممَّن منْها في شكّ } استثناء مفرغ، وإن فسرنا السلطان بالقهر فمنقطع، والعلم الأزلى منسحب على الأشياء الواقعة خارجا وقت وقوعها، وقومنا يقولون: علمه بالواقع علم متجدد، متعلق بالمعلوم،ورضوا بذلك لأنه ليس عن جهل، بل بالمطابقة للواقع، وعدى بمن لتضمنه معنى التمييز، لا وجه لتفسير الآية بقولك: لنجعل المؤمن متميزاً من غيره عند الناس، وقيل: المراد من قوع العلم وقوع المعلوم، وهو الايمان أى ليؤمن من علمنا أنه يؤمن، وذلك لعلاقة اللزوم، كما جاز أن يكنو بمعنى الجزاء للتلازم، وفى ذلك جعل المعلوم نفس العلم مبالغة.
ولا وجه للتفسير بقولك: لنعامله معاملة من لا يعلم حاله، ويجوز تقدير مضاف، أى ليعلم أولياؤنا، وذكر بعض أن المعنى على المضى، أى لعلمنا من يؤمن الخ، ومنها بمعنى فيها متعلق بشك، ولو كان مصدرا متأخرا لأنه ليس هنا على معنى الفعل وحرف المصدر، وليس التقديم للحصر كما قيل به، نظرا الى أن الضار الشك الصادر منها، أى من شأن الآخرة، أى فى شأنها لا مطلق الشك الواقع، ونكر وجىء بفى تلويحا الى أن قليلا من الشك محيط بالشاك.
{ وربُّك على كُلَّ شيءٍ حَفيظٌ } قائم على أحوال كل شىء قياما عظيما، والمبالغة مستفادة من فعيل الثلاثى الذى هو بمعنى فعال بالشد، ومفعال أو بمعنى مفاعل بضم الميم من الرباعى بالزيادة، أى محافظ كخليط وشريك، بمعنى مخالط ومشارك، وجليس ورضيع، بمعنى مجالس ومراضع، ووجهه أن المفاعلة أصلها بين اثنين كل يبذل جهده أن يغلب الآخر.