خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَآفَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٢٨
-سبأ

تيسير التفسير

{ وما أرسلناك إلا كافَّةً } حال من الناس فى قوله: { للنَّاس } أى الى الناس، وما أرسلناك إلا الى الناس كافة العرب والعجم، وذلك على جواز تقديم الحال على صاحبها المجرور، والإرشال يتعدى الى الثانى بالى، وإذا عدى باللام فمعناها الى وغير ذلك بحسب القصد، فيجوز اللام بعدها للتعليل، كما قيل به فى الآية، ولا إشكال، وإنما الاشكال فى كون أداة الاستثناء تلاها ما ليس مستثنى ولا مستثنى منه، ولا تابعا له، فيجاب بأن الأصل ما أرسلناك للناس إلا كافة.
ومثل ذلك من نية التقديم جائز، ولا سيما أنه يتوسع فى الظروف، كما قال مجاهد، وابن أبى شيبة، ومحمد بن كعب، والطبرى، وقتادة: إن المعنى الى الناس جميعا،ويجوز أن يكون جامعا للناس، أو مانعا لهم عن الكفر، والتاء للمبالغة على هذا، كرجل راوية، أى كثير الرواية، أو مفعولا مطلقا، أى إلا إرساله كافة، وهذا تصرف فى مادة الكف، لا فى كافة التى قالوا تلزم النصب على الحال إلا شاذا، كقول عمر وتبعه على فى تبليغ قوله: قد جعلت لبنى كاكلة على كافة بيت مال المسلمين لكل عام مائتى مثقال ذهبا إبريزا، والآية دليل عموم رسالته، وقيل: يقاس خروجه عن الحالية.
{ بَشيراً } بالجنة لمن أسلم { ونَذيراً } بالنار لمن كفر، والنصب على الحال من كاف ارسلناك، أو من الضمير فى كافة إذا أبقيناه على الوصفية، أو على الابدال الكلى من كافة الباقى على الوصفية، فان الجمع للناس على الدين، والمنع من الكفر نفس التبشير والانذار، وفى الحديث:
"إنى بعثت الى الناس كلهم" ، أى من قبلى ومن بعدى، ومن معى، فلا يشكل بأن غيره قد بعث الى الناس كلهم، لأن غيره لم يبعث الى من قبله، والجن تبع للإنس، بل قد يطلق الناس عليهم { ولكنَّ أكثَّر النَّاس لا يعْلمُون } الحق فيصرون على الضلال.