خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن نُّؤْمِنَ بِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَلاَ بِٱلَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ
٣١
قَالَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُوۤاْ أَنَحْنُ صَدَدنَاكُمْ عَنِ ٱلْهُدَىٰ بَعْدَ إِذْ جَآءَكُمْ بَلْ كُنتُمْ مُّجْرِمِينَ
٣٢
-سبأ

تيسير التفسير

{ وقال الَّذين كفروا } مشركو العرب { لَن نُؤمن بهذا القُرآن } إن فسر بالمقروء فنعت، أو بنفسه فبدل أو بيان، وكان كالعلم الشخصى { ولا بالذَّي يبْين يَدَيه } هو النبى صلى الله عليه وسلم، أى ولا بمحمد الذى ذلك القرآن بين يديه، أى عنده، أو محمد الذى ثبت هو، أى القرآن عنده، فتكون الصلة جرت على غير ماله، ولم يظهر لظهور المعنى، وقيل: الذى بين يديه به ما قبله من كتب الله عز وجل، وأن الهاء للقرآن، سأل كفار مكة اليهود والنصارى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبروهم أنهم يجدون صفته فى التوراة والإنجيل وغيرهما فغضبوا فقالوا: لن نؤمن بالقرآن، ولا بالتوراة، ولا بالانجيل، ولا بغيرهما، وفيه أنه لم يتقدم له دليل، ومعنى كون الكتب بين يدى القرآن أو النبى أن ما تقدم من الكتب موجود الذكر عنده وفى القرآن.
{ ولَوْ تَرى } يا محمد، أو يا من يصلح للرؤية، ولو للتمنى تشفيا مصروفا للمؤمنين، ولا جواب لها، أو شرطية جوابها محذوف تقديره لرأيت ما يسرك عليهم، أو لرأيت أمرا فظيعا عليهم، ومفعول ترى محذوف، أى ترى الواقع، وبهذا المحذوف يتعلق قوله: { إذ } قيل وليس إذ مفعولا لترى إلا إن تضمن معنى تشاهد، وفيه أنه لا يتبادر أن يقال شاهدت الزمان، ولو جائزا بمعنى حضرت { الظالمون } مقتضى الظاهر، إذ هم، ووضع الظاهر موضع الضمير ليصرح بالظلم الموجب لحبسهم وما يسوءهم، أو المراد العموم فلم يضمر لذلك، فيدخل المذكورون أولا وبالذات { موقوفُون } محبوسون { عند ربِّهم } وقف خزى ومحاسبة.
{ يَرجعُ بعْضهم إلى بعْض القوْل } حال من المستتر فى موقوفون، أى متحاورين { يقُول الَّذين اسْتُضعفُوا } إلخ استئناف لبيان رجع القول، أو بدل من يرجع، والذين استضعفوا بمعنى عدوا ضعفاء، وهم الأتباع { للَّذين اسْتَكبروا } هم الأقوياء الذين أضلوهم { لَولا أنتْم } لولا صدكم لنا { لكنَّا مُؤمنين } بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، كأنه قيل: فماذا قال الذين استكبروا فأجاب بقوله:
{ قال الَّذين اسْتَكْبروا للَّذين اسْتُضعفُوا أنَحْن صَدَدناكم } منعناكم { عن الهُدى إذ جاءكم } استفهام إنكار لأن يكون صدوهم، إما أن كذبوا وإما إن أرادوا ما منعناكم بالقهر، وإذ ظرف لا يتصرف إلا أنه جاء مضافا إليه، هنا وفى قوله:
" { وهم من فَزَع يومئذ } " [النمل: 89] وهو كثير فى القرآن ومثله حينئذ { بل كُنتُم مُجْرمين } اخترتم الكفر لأنفسكم، وصممتم عليه.