خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالُوۤاْ آمَنَّا بِهِ وَأَنَّىٰ لَهُمُ ٱلتَّنَاوُشُ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٥٢
وَقَدْ كَـفَرُواْ بِهِ مِن قَـبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِٱلْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ
٥٣
-سبأ

تيسير التفسير

{ وقالُوا آمنَّا به } أى بالله سبحانه، وأضمر لشهرته شهرة أظهر من كل شهرة، ولأن كل إيمان بما يجب الإيمان به عائد الى الإيمان به تعالى، أو آمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم ورجح، وقد مر ذكره بلفظ صاحبكم، ولأنه يقال لهم عند النزع: ما تقول فى هذا الرجل يعنى محمدا ويفهمونه، والايمان به صلى الله عليه وسلم شامل على الايمان بالله عز وجل، وبالعذاب، والبعث، وقد قيل: الهاء للعذاب، وقيل: للبعث { وأنَّى } كيف، أو من أين { لهم التَّناوُشُ } التناول تناول الايمان بقولهم: الآن آمنا به، فهو قول ضائع لا يثبت به لهم الايمان، أو التناوش الرجوع، كما قال ابن عباس الى الدنيا ليؤمنوا ويعملوا، ولهم متعلق يثبت محذوفا أو باستقرار من أنى وأنى خبر { مِنْ مكانٍ بَعيدٍ } عن حصوله، لأنهم فى غير زمان التكليف. وقد قطع عذرهم بموتهم كافرين كما قال الله عز وجل:
{ وقَد كَفَروا به } الجملة حال من هاء لهم، والربط بواو الضمير، وواو الحال، أو من المستتر فى أنى أو من التناوش إذا جعلناه فاعلا ليثبت محذوفا، والربط بواو الحال، ولا يصح أن تكون الواو للاستئناف، لأن واو الاستئناف لا تصح، ويضعف العطف هنا { من قَبْل } قبل موتهم حال التكليف { ويَقْذفُون بالغَيْب } يلقون الكلام من أفواههم كالرمى بالحجر بأمر الغيب، وهو ما لم يثبت علمه عندهم بحق، وما لم يثبت فهو غائب عنهم، بمعنى أنه لم يحصل عندهم فهم بمعزل عنه، كاثبات الشريك لله تعالى، وجعل الملائكة بنات الله سبحانه، وإثبات السحر والشعر والكهانة للنبى صلى الله عليه وسلم، والكفر بالقرآن ويوم القيامة { مِنْ مكانٍ بَعيدٍ } جهة بعيدة عن الحق، أو عمن نسبوا اليه ما لا يليق، وفى كل من قوله: { ويقذفون } إلخ وقوله: { أنًَّى لهم التناوش } إلخ استعارة تمثيلية، بأن شبه حالهم من التكلم بما يظهر لهم، ولم ينشأ عن تحقيق بحال من يرمى شيئا لا يراه من مكانن بعيد، لا يظن لحوقه، وشبه حالهم فى استخلاص الايمان بعد ما فاتهم، وبعد بحال من يريد أن يتناول بعد أن بعد وفات.
وقيل: الغيب ما خفى من معائبهم، أى يرميهم الوحى بما خفى من معائبهم، وقيل: المعنى يجازون بسوء أعمالهم عند الموت أو البعث، ولا يعلمون من أين أتاهم ذلك إلا بعد حين، وقيل: تقذفهم الشياطين بالغيب، وتلقنهم اياه، وهذه الأقوال الثلاثة إنما هى على قراءة يُقذفون بالبناء للمفعول، والعطف على كفروا أو قالوا، وصيغة المضارع للحال استحضار لما مضى.