خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً
٤١
وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً
٤٢
-فاطر

تيسير التفسير

{ إنَّ اللهَ يُمْسك السَّماوات والأرض أن تَزولا } يمنعهما عن أو من أن تزولا، قيل: أو يمسكهما كراهة أن تزولا، أو لئلا تزولا، والزوال التلف والفناء، أو الانتقال والمخلوقات، كما احتاجت الى الموجد سبحانه احتاجت بعد إيجاده إياها الى ابقائه إيَّاها، ولو لم يبقها لفنيت، ولم يقتصر على السقوط، وان شاء أبقاها وأسقطها، وليس شركاؤكم ماسكين لهما، ويجوز أن يكون إن تزولا بدل اشتمال، ويمسك يمنع، والسموات غير الأفلاك، وهن والأرض سواكن، والمتحرك النجوم والقمران، وزعم بعض أنهن ثوابت والمتحرك الأرض تميل للمشرق، فيكون الغروب، وتميل للمغرب فيكون الطلوع، وتميل جانبا فتختلف مطالع النجوم، وذلك كذب لا دليل، ويرده تحقيق الاختبار، وقوله تعالى: " { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق } " [البقرة: 258] وظاهر إسناد الطلوع والغروب للشمس حيث ذكر.
{ ولئن زَالتَا } أشرفتا على التلف أو الانتقال، لكن لا تشرفان عليه كما قرىء: ولو زالت بلو الامتناعية، قيل أو إن زالتا يوم القيامة على أنهما تزولان يومها، ولو كان ذلك مرادا هنا لقيل: إذا زالتا، إلا إن كانت صيغة الشك لشكهم فى قيامها، أو فى طيها { إن أمْسَكهما } ما أمسكهما عن الزوال بعد الاشراف عليه، أو عن الزيادة فى الزوال بعد وقوعه { من } صلة فى الفاعل { أحدٍ من بعدهِ } من هذه للابتداء والهاء لله تعالى أو لإمساكه أو للزوال، أى بعد الاشراف عليه، والجملة جواب القسم لتقدمه قبل الشرط بدليل اللام لا للشرط، وإلا قرن بالفاء ولا جواب لشرط مقدر، بل أغنى عن تقديره جواب القسم، وإذا قلت: قم إن قمت، فليس مرادك قم إن قمت فقم، وإذا لم يكن مرادا لك فكيف يقدر، ولو كانوا شركاء لله لأمسكوهما إذا زالتا.
{ إنَّه كانَ حليما } على المشركين فلم يعاجلهم بالإهلاك { غَفُوراً } لمن تاب منهم أو من غيرهم، مع عظم المعصية، ولا سيما الاشراك، ولولا حلمه وغفرانه لأسقط السماء، وأخرب الأرض، سمع بعض قريش أن الله أرسل الى اليهود والنصارى رسلا فكذبوهم، فقالوا: لعنكم الله، لو جاءنا رسول لم نكذبه، فجاءهم صلى الله عليه وسلم فكذبوه، فنزل قوله تعالى:
{ وأقسَمُوا بالله جَهْد أيْمانهم } غاية أيمانهم، وهو مفعول مطلق { لئن جاءهم نذيرٌ } رسول من الله { ليكُونّن أهْدى من إحْدى الأمَم } لا نكذبه كما كذب اليهود والنصارى رسلهم، وجملة لئن جاءهم إلخ جواب اقسموا، والذى قالوا: "لئن جاءنا نذير لنكونّن" ووضع ضميرى الغيبة موضع ضميرى التكلم، وليس احدى العبارتين أولى من الأخرى، وكلتاهما أصل، ولو قال وقالوا لكان الأصل التكلم، فلا تهم، وإحدى عام فى الاثبات على أن إضافته للجنس، فاكتسبت العموم، وكأنه قيل: من واحدات الأمم، أى من الأمم الواحدات، أى الفاضلات، فنكون أمة فاضلة من جملة الأمم الفاضلات، تقول: زيد واحد قومه، أى أفضلهم، وهند إحدى النساء أى فاضلتهن.
{ فلمَّا جاءهم نذيرٌ } أعظم النذر محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعظم الكتب، وزعم مقاتل أنه انشقاق القمر، ولا يقبل { ما زادهم } أى هذا النذير، أى قول هذا النذير { إلا نفوراً } بعدا عنه وعن ما جاء به، وإسناد الزيادة الى النذير من الاسناد الى السبب، فان قوله: إنى رسول الله، وإن الله يأمر بكذا غير مقبول عندهم، بل سبب للنفور.