خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً
٤٣
-فاطر

تيسير التفسير

{ استكباراً في الأرض } مفعول من أجله لنفوراً، أو بدل منه بدل كل، لأن التكبر نفور وترفع، وقد يقال بدل اشتمال، ولا نلتزم وجود الرابط فيه، بل الملابسة بغير الجزئية والكلية، مع تلويحى العامل إليها، والتكبر فى القلب يتولد منه نفور اللسان والجوارح، أو حال بمعنى الوصف، أى مستكبرين أو مصاحبى استكبار، أو مبالغة، والثلاثة خلاف الأصل ولا سيما الثالث ففيه حالية الجامد بلا تأويل { ومَكْر السَّيىء } عطف على استكبارا فى غير أوجه الحال، لأن مكر معرفة بالاضافة، والمرد مكر الانسان السيىء أى كمكره أى خداعه، قالوا: أو من إضافة الموصوف الى الصفة، أى والمكر السيىء، ويجوز عطفه على نفور أو يناسب وجه إضافة الموصوف للصفة قوله تعالى.
{ ولا يحيق } يحيط { المكر السَّيىء إلاَّ بأهْله } إلا بفاعله، ولا يستعمل حاق إلا فى الشر، ومن أمثال العرب من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا، قال كعب الأحباررحمه الله ، قرأت فى التوراة: من حفر مهواة وقع فيها، فقال ابن عباس: أنا وجدت ذلك من كتاب الله تعالى: { ولا يحيق المكر السَّيىء إلا بأهله } وفى الخبر: لا تمكروا ولا تعينوا ماكرا فان الله تعالى يقول: { ولا يحيق المكر السَّيىء إلا بأهله } ولا تبغوا ولا تعينوا باغيا فان الله سبحانه يقول:
" { إنما بغيكم على أنفسكم } " [يونس: 23] والآية عامة على الصحيح لا مخصوصة بيوم بدر، ودخل فيها ما حاق بهم يوم بدر { فَهَل } ما { ينْظُرون } ينتظرون ويراقبون { إلاَّ سُنَّة الأوَّلين } إلا مثل عادته فى المكذبين قبلهم، وهى إهلاكهم على التكذيب ولا إقرار لهم بذلك، ولا مراقبة، لكن عبر باللازم المسبب وهو الانتظار، عن الملزوم السبب وهو فعل ما يوجب الهلاك، أى وهل يفعلون إلا موجب سنة الاولين، أو شبه بقاءهم على موجب الهلاك بانتظاره، ففى ينظرون استعارة تبعيه، أو عبر بالمقيد وهو استقبال الانسان الشىء بقيد العلم به عن المطلق، وهو مطلق استقبال أى تأخر.
{ فَلَن تَجد } لأنك لن تجد { لسُنة الله تَبْديلا } بأن لا يعذب المكذبين { ولن تجد لسنَّةِ الله تَحْويلا } بأن يعذب غير المكذبين بدل المكذبين، ولا يختص قولك: لن تجد كذا بأنه قد حصل، ولكنك لا تجده، فهو حقيقة فى أنك لا تجده مع حصوله خارجا، وفى أنه لم يحصل فضلا عن أن تجده، كما لا يرى زيد فى السوق أى لا يوجد فيها فلا تهم، والخطاب للعموم البدلى، أو له صلى الله عليه وسلم، فيلتحق به غيره.