خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ
٩
-فاطر

تيسير التفسير

{ والله الَّذي أرْسَل الرياح } مبتدأ وخبر للحصر، أى الله هو أرسل الرياح لاثارة السحاب اذا شاء، لا كلها أرسلها أثارت { فتُثِير } تنهض { سحاباً } أى هو الذى أرسل الرياح فيما مضى، وكلما أرسلها تحضرها الاثارة، والاثارة ماضية، عبر عنها بمضارع الحال، لتكون كالمشاهدة فقيسوا عليه المستقبل، فذلك وجه المضى فى الارسال، ووجه الحالية والاستقبالية فى الاثارة، ولكن الحالية مجازية لقرب الارسال بالاثارة، أو أرسل بمعنى يرسل، والماصى للسرعة المتفرعة على قول كن، وكأنه مضى كما قال الله عز وجل: " { يرسل الرياح بشراً بين يدي رحمته } " [الأعراف: 57] بالمضارع، وقال فى سورة الروم: " { الله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً } " [الروم: 48] وأيضا الارسال متقدم على الاثارة حسب المضى فهو متقدم والاثارة بعدها.
{ فسقناه إلى بلدٍ مَيِّتٍ } لا نبات فيه يعتبر، أو البتة شبيه بما مات من ذوات الأرواح فى عدم صدور شىء منها وضده فى قوله: { فأحْيينا به } بمطره { الأرضَ } المعهودة بلفظ بلد ميت، فأل للعهد، ومقتضى الظاهر فأحييناه برد الهاء الى البلد، ولكن ذكر باسم الأرض مع اعادة ذكر الموت فى قوله: { بعْدَ مَوْتها } تلويحا الى أن المطر حياة للأرض الميتة هكذا مطلقا، ولو كان فيها نبات، وتفسيرا للبلد الميت فإنه فى الآية نكرة فى الاثبات ظاهرة فى بلد واحد، ولأنه أوفق بالعبث المطلق، وقال بعد موتها مع أن ذكر الاحياء يغنى عنه للاشارة، قيل: الى أن الموت للأرض الذى تعلق به الاحياء معلوم عندهم.
{ كَذلكَ } مثل انبات الأرض بعد أن لا نبات فيها { النُّشُور } نشرنا الموتى من قبورهم أحياء كما ينشر الثوب بعد طيه، أو مثل ذلك النبات بالمعنى المصدرى نشور الموتى، أى حياتهم قال الأعشى:

حتى يقول الناس مما رأوا يا عجبا للميت الناشر

أى الذى حيى، ووجه الشبه أنه كما قبلت الأرض الميتة النبات، تقبل أعضاء الميت الحياة، وكما تجمع الرياح قطع السحاب، يجمع الله أجزاء الموتى، وكما يسوق السحاب الى البلد الميت فينبت بمائه يسوق الروح والحياة الى الأبدان، وكما يرسل الماء الى الأرض فتنبت يرسل ماء المنى، وكالطل من تحت العرش الى الموتى فيَحْيَوْن، كما جاء فى الحديث.