خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱلله قَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنُطْعِمُ مَن لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٤٧
-يس

تيسير التفسير

{ وإذا قيل } أى قال المؤمنون والنبى صلى الله عليه وسلم { لَهُم أنْفقُوا } على الفقراء والأرحام، وفى وقت القحط { ممَّا رزَقَكُم الله } من الأموال، فضلا منه كما قال: " { وأحسن كما أحسن الله } " [القصص: 77] ذمهم الله على ترك الإنفاق بعد ذمهم على ترك التقوى، وعلى عدم مبالاتهم بنصح الناصح مع عظم جنايتهم، ومع أن الصدقة تدفع البلاء، مع أنه ما أمرهم بإنفاق الكل، بل ببعض { قال الَّذين كفروا } أى قالوا فوضع الظاهر ليصفهم بالكفر، أعنى أن هذا النصح الكريم من جملة ما يذكر فيه علة الحكم، ولو شاء الله تعالى لقال قالوا كافرين، أو قالوا لكفرهم، فيفيد العلة وهى الكفر { للَّذين آمنُوا } للنبى وللمؤمنين القائلين لم أنفقوا مما رزقكم الله.
{ أنطْعِمُ مَن لَو يَشاءُ الله } إطعامه { أطْعمهُ } أسلم بعض الفقراء فقطع عنهم قرابتهم أو مواليهم المشركون النفقة، فأمرهم المسلمون بالإنفاق، وذلك فى مكة، أو أقحطوا فشحوا فأمروهم بالإنفاق على الفقراء مؤمنين أو كافرين،وأجابوا بالإطعام الذى هو خاص، والإنفاق المأمور به عام لما يؤكل، وللدراهم وغيرها لأنهم يفتخرون بالإطعام، ولان غير الطعام يراد للطعام فى الجملة، ولا سيما فى القحط أو نطعم بمعنى نعطى كقولك: أطعمت فلانا وسقا من ير، أى أعطيته، إذ لا يأكل وسقا مرة ولا هو يأكله بلا علاج إصلاح طعام، إلا أن هذا المثال أقرب لأنه فى الأكل، لكن يصلح دليلا لأنه لم يشترط الأكل، فإن شاء أعطاه بعد أخذه فى دين عليه مثلا، وقالوا: أنطعم الخ جواب بلا مناسبة، مجازفة فى الرد على من طلب الإنفاق.
وقد قيل: أقاربهم الضعفاء هم القائلون أطعمونا وقيل: القائلون كفار بالله فعابوا على من يقول شاء الله كذا أو إن يشأ الله، وفى هذا مناسبة فى الجواب باعتبار قول المؤمنين إن شاء الله تعالى، وكان العاصى ابن وائل السهمى إذا سأله سائل قال: اذهب الى ربك فهو أولى منى بك، وبقول قد منعه أفأطعمه أنا وأخطأ، فإن الله عز وجل أغنى بعضا، وأفقر بعضا ابتلاء لا بخلا منه تعالى، وقيل: قالوا ذلك استهزاء { إن أنتُم إلا في ضلالٍ مبينٍ } فى قولكم: أنفقوا بأمر الله، فان الله لم يأمرنا، أو فى قولكم: من شاء الله أطعمه، وقيل: نزلت الآية فى اليهود، إذ أمروا بالانفاق على الفقراء وأبوا، وهو ضعيف ولا سيما أن السورة مكية، ويجوز أن يكون { إن أنتم إلا في ضلال مبين } خطاباً من الله عز وجل للمشركين مطلقا، أو لأهل مكة، ويبعد أو لا يجوز أن يكون من كلام، المؤمنين للفصل وللتكليف بتقدير سؤال، كأنه قيل: فما قال المؤمنون.