خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ
١٠٣
وَنَادَيْنَاهُ أَن يٰإِبْرَاهِيمُ
١٠٤
قَدْ صَدَّقْتَ ٱلرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ
١٠٥
-الصافات

تيسير التفسير

{ فلمَّا أسْلمَا } أنقاد هو وأبوه لأمر الله، ويجوز أن يكون من أسلم المتعدى أى أسلم الابن نفسه للذبح، وأسلمه أبوه ولم يشح به { وتلَّه للجَبِين } صرعه، وأصله الصرع على التل، وهو مجتمع التراب، وصار حقيقة فى الصرع مطلقا، واللام للبيان كقوله تعالى: " { يخرون للأذقان } "[الإسراء: 107] وقوله:

وخرَّ صريعاً لليدين وللفم

والجبين أحد جانبى الوجه فنقول: يختار الجبين الأيمن، وروى أنه قال: يا أبت كبنى على وجهى لئلا ترحمنى برؤية وجهى، فلا تجهز على فلم يأخذ أبوه بكلامه، بل صرعه على الجبين، ومع أنه لم يرد بالصرع ما يظهر من العنف، لأنهما معا منقادان، وقال أيضا: يا أبت اشدد رباطى لئلا أضطرب، واكفف ثيابك لئلا ترى أمى دمى عليها فتزداد حزنا، وأسرع بامرار السكين ليكون أهون على، وأقرىء أمى السلام منى، وكل منهما يبكى، وأبوه يقبله.
وأخرج أحمد فى مسنده عن ابن عباس أنه قال:يا أبت ما عندك ثوب تكفننى إلا قميصى هذا، وكان أبيض، فانزعه وكفنى فيه، ولعله لم يفعل لأنه يؤخر النزع الى ما بعد الموت، فجر الشفرة جهده وهى حادة ولم تؤثر شيئا باذن الله، ولا حاجة الى ما يقال: ان الله عز وجل جعل منحره نحاسا، ولا الى ما يقال: ألبسه الله حلقة نحاس.
وروى أنه حدها فأعاد الجر فلم تؤثر فعل ذلك مرتين، وروى أنه لم يجرها بل قلبها جبريل عليه السلام، وزعم بعض أنه كلما قطع موضعا من الحلق رده الله تعالى، ولعل الابن لا يحس بذلك إن صح، وقيل لما أراد الجر قال ملك: يا إبراهيم لا تفعل بالغلام شيئا، خذ ما وراءك وهو كبش ذكره الله عز وجل، أو قيل له: أمسك قد صدقت الرؤيا، فرفع رأسه فرأى كبشا ينحط حتى وقع عليه كما قال الله تعالى:
{ ونادَيْناه } ناداه ملك من خلفه أو فوقه { أنْ يا إبراهيم * قَد صدَّقْت الرؤيا } فعلت ما رأيت فى المنام، وجواب لما محذوف يقدر هنا أى كان ما كان من شكر واستبشار بالنجاة، والفوز بما لم يفز به أحد، وبعض قدره بعد الجبين هكذا أجزلنا لهما الأجر، وقدره الخليل وسيبويه قبل { وتله } وقيل: الجواب: { تله } وقال الكوفيون: ناديناه بزيادة الواو فى الوضعين على القولين { إنَّا كذلك نَجْزي المُحْسنين } من جملة الجواب أو مستأنف.