خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ
٢٥

تيسير التفسير

{ فغَفَرنا له ذلِكَ } الذى فارق، واستغفر منه، كانا لوزيره أوريا امرأة واحدة، فطلبه أن يطلقها ليتزوجها، مع أن له تسع وتسعين امرأة غيرها، فاستحيى أن يريده فطلقها فتزوجها داود، وهى أم سليمان فيما قيل، وكان ذلك جائزا عندهم عندهم غير مخل بالمروءة، كما كان الأنصارى فى أول الإسلام ينزل عن احدى امرأتيه أو نسائه للمهاجر يتزوجها، ومع حل ذلك عد عليه ذنبا اذ لم تغلبه الرأفة بأخيه، واذا لم يقهر نفسه، ومثل ذلك أنه خطبها أوريا، وخطبها مع علمه بخطبة أوريا، فاختاره أولياؤها على أوريا، فمن جاز ذلك فى شرعه والا فهو بعيد عنه، كما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، أو يساوم على سومه، وقيل: خطبها ولم يعلم بخطبة أوريا، فعوقب بأنه لم يسأل لعلها فى خطبة أحد قبله، وفى هذا تشديد، وقد يسيغه كثرة نسائه التى تدعوه أن يتورع.
ويقال تمنى أن يتزوجها ان مات زوجها أوريا فى الجهاد بعوقب اذ غلب حبها على حب أخيه فى ذلك، وكفر من قال: أعطاه الراية وقدمه ليموت فيتزوجها، وقيل: كان فى شرعه أن أولياء الميت أولى بتزوج امرأته، وتزوجها وليس منهم، ولا يحل أن ينسب ذلك اليه أن حرم على غير الولى، ولعله كان ذلك ندبا فعوقب لاختياره غير الأولى، وقد قيل: انه امره بقتل البلقاء مرارا ليموت فيتزوجها، وذلك خطأ وضلال من قائله، وفى تلك الأقوال بدون التأويل الذى ذكرت يقع قول على أن صح عنه أنه من حدث بحديث داود على ما قصه القصاص جلدته مائة وستين جلدة، وذلك ضعف الحد فى الافتراء، لأنه نبى وذك حد من افترى على نبى.
وقيل: مالت نفسه طبعا الى امرأة نظر اليها فى الخصام ليثبتها لا لشهوة، فمنعته بعض نفله وهو بعيد عن منصب النبوة، ويقال: أنه ظن أن الخصمين، وهما آدميان أرادا قتله ولم يريداه، وقيل: أراد الانتقام منهما قدم، وهذان لا يناسبان التشديد عليه بحسب ما يظهر فلا يفسر بهما الا أن لله تعالى أن يفعل ما يشاء، وأنه قيل: انه بكى أربعين ليلة حتى نبت من دموعه نبات عطى رأسه، ولا يشرب الا وثلثا شرابه دموع، وفيه بعد، ونقول: من أين هذه الدموع؟ من داود؟ وهل الدمع ينبت النبات به كما ينبت بالماء { وإنَّ لهُ عنْدَنا } متعلق بله لنيابته عن ثابتة، أو بثابتة { لَزُلْفى } قربة بعد المغفرة { وحُسْن مآب } حسن رجوع، أى ذهاب الى الجنة أو مآب اسم مكان، وحسن نعته قدم وأضيف اليه بمعنى الوصف، أى مآبا حسنا يفتح الحاء والسين، أو ذا حسن بضم واسكان.