خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لَّهُ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِـآيَاتِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ
٦٣
-الزمر

تيسير التفسير

{ له مَقالِيدُ السَّماوات والأرْض } مستأنف أو خبر ثان، والمفرد مقلاد أو مقليد، استعمل أو لم يستعمل، فيكون جمعا لا واحد له، وهو عربى من التقليد، وهو الالزام، ولا يجوز أن يقال: انه معرب من اقليد معرب اكبيد من لغة الروم، لأن افعيلا لا يجمع على مفاعيل، ولأنا قد وجدنا له مادة فى العربية، وهى قلد يقلد تقليداً، وسائر تصاريفه، وهو من معنى الالزام، تقول قلد القضاء أى ألزم نفسه النظر فى أموره، والمقاليد المفاتيح، كمفتاح الباب للزومه للباب، والقلادة لازمة للعنق، فقيل: له مقاليد مجاز عن كونه مالك أمر السماوات والأرض، ومتصرفا فيها، والعلاقة اللزوم، ولا يملك أمرهما غيره، ويكنى به عن معنى القدرة والحفظ، تقول: فلان له مفتاح كذا، وقيل: مقاليد خزائن، لأن الخزانة بالقفل والمفتاح.
روى ابن مردوية، وابن أبى حاتم وغيرهما، عن عثمان بن عفان سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: "له مقاليد السماوات والأرض" فقال
" لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، يحيى ويميت، وهو حى لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شىء قدير، يا عثمان من قالها اذا أصبح عشر مرات، واذا أمسى، حرس من أبليس وجنوده، وأعطى قنطارا من الأجر، ويزوجه من الحور العين ويغفر ذنوبه، ويكون مع ابراهيم عليه السلام، ويبشره اثنا عشر ملكا عند الموت بالجنة، ويزفونه من قبره الى الموقف، وان أصابه هول فيه قالوا: لا تخف انك من الآمنين ويحاسب يسيرا ويزف الى الجنة كالعروس، والناس فى الحساب" وذكر ابن مردويه، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "هن: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله" .
{ والَّذين كَفَروا بآيات الله أولئك هُم الخاسرون } الحصر باعتبار الكمال، أى الكاملون فى الخسران، أو بالإضافة للمؤمنين اذ زعموا أن المؤمنين خاسرون، فقال الله سبحانه: هم الخاسرون لا المؤمنون، والحصر فى الوجهين اضافى، وذلك أنه وجد الخاسرون غير هؤلاء المكذبين بالآيات، وهو من لم يكذب وعاند، أو لم يكذب ولم يعمل، والعطف على قوله تعالى: " { الله خالق كل شيء } " [الزمر: 62] أى الله تعالى متصف بصفات الجلال، وهؤلاء متصفون بصفات الخسران والضلال، أو على قوله تعالى: " { وينجي الله } " الخ أى وينجى الله المتقين، والذين كذبوا هم الخاسرون لا نجاة لهم، وعليه فلم يقل: ويهلك الذين كفروا كما قال: " { وينجي الله } "[الزمر: 61] لأن العمدة فضلة المحض فأسند النجاة الى نفسه، وعطف الاسمية على الفعلية، والعكس جائزان، وصرح الله عز وجل بالوعد للمؤمنين، وعرض بالوعيد للكفار، اذ قال: { الخاسرون } ولم يقل: الهالكون أو المعذبون على عادة الكرم.