خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً
١٥
-النساء

تيسير التفسير

{ وَالاَّتِى } بلام واحدة حذفت فى الخط، بعدها لام، خروجا عن التكرير فى الخط وتبعتها فى الحذف خطا الألف التى من شأنها أن تكتب حمراء زيادة على خط الإمام، ولا حذف فى النطق، بل لو كتب كما ينطق به، لكان هكذا اللاتى بلام ولام الألف وهو اسم وضع للجماعة، وقيل جمع التى، وكذا الكلام فى اللتان واللذان والذين هو اسم وضع لاثنين أو اثنتين أو تثنية وجمع { يَأْتِيَنَ الفَاحِشَةَ } الزنى سمى فاحشة لزيادة قبحه { مِن نِسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا } اطلبوا ممن ذكرهن بالزنى الشهادة { عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً } شهادة أربعة { مِّنكُمْ } أيها المؤمنون البلغ العقلاء الأحرار، وقيل جعل شهادة الزنى أربعة ليشهد على الرجل اثنان، وعلى المرأة اثنان كسائر الحقوق، أعنى ليكون ذلك حصة فى العدد، وإلا فالأربعة كلهم شهدوا على الرجل، وكلهم شهدوا على المرأة، وربما لا يعرفون المرأة، بل يعرفون الرجل، فإنما ذلك مناسبة لا تعليل صحيح، والواضح أَنها جعلت أربعة تغليظاً على ذاكر الزنى عن غيره، وسترا علىالعباد، والجملة خبر اللاتى، ولو كانت أمرا وقدر بعض اقصدوا اللاتى أو تعمدوا اللاتى على الاشتغال، أو الاستئناف وبعض مما يتلى عليكم حكم اللاتى { فَإِنْ شَهِدُوا } أى الأربعة منكم بالزنى { فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى البُيُوتِ } منعاً عن الخروج الذى هو سبب الزنى بتعرضهن أو تعريض الرجال له، فلا يوجد خارجاً إلا من لا تزنى { حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ } أى يتوفى أزواجهن { الْمَوتُ } أى يأخذ الموت أزواجهن كاملة لا يبقى منهن واحدة، والتوفى الاستيفاء، وهوالقبض، شبه الموت بإنسان أو ملك ورمز إليه بالقبض، فذلك استعارة بالكناية، أو يقدر مضاف أى حتى يتوفى أزواجهن ملك الموت، أو ملائكة الموت، لأن لعزرائيل أعوانا، وليس التفسير بيميتهن ملك الموت قويا، وأولى منه جعل ذلك من إسناد ما للفاعل إلى أثر فعله، وهذا الحبس قبل نزول جلد مائة فى غير المحصنات، وجلد الأمة خمسين { أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } هو جلد التى لم تحصن، ورجم الحرة المحصنة، لما نزل الجلد والرجم، قال صلى الله عليه وسلم: "هما السبيل، خذوا عنى، خذوا عنى" ، وليس ذلك نسخا، بل غاية، لأنه ذكر السبيل هما غاية، وآية الجلد ودلائل الرجم بيان لا نسخ، وقبل ذلك تحبس بلا طلاق وينفق عليها زوجها، وترد الصداق لزوجها، وذلك الحبس للمباعدة عن الرجال، وكأن الأمور بالتدريج، وإن قلنا نزل الجلد والرجم فلعلها كان المراد حبس غير المحصنة بعد جلدها وكان السبيل تزوجها بعد عدة الزنى لأنه يغنى عن الزنى، وقال أبو مسلم: الفاحشة السحاق، والسبيل التزوج المغنى عنه، ويبحث بأنه لو كان المراد السحاق لكانت العقوبة منعهن عن مخالطات النساء لا الحبس فى البيوت، ويجاب بأن المراد حبس بعضهن عن بعض، ويبحث أيضاً بأن قوله منكم ينافى السحاق، لأن المتبادر من قوله منكم من الرجال، ولو احتمل أن المراد منكم معشر من آمن، وقوى بعضهم إرادة السحاق فى قوله: "والتى يأتين الفاحشة" وإرادة اللواط فى قوله: " { واللذان يأتيانها } " [النساء: 16] بانفراد النساء فى آية، والرجال فى آية، وبأن لا يخلو القرآن عن حكم اللواط والسحاق وليس ذلك بحجة.