خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ كَثِيراً
١٦٠
-النساء

تيسير التفسير

{ فَبِظُلْمٍ } متعلق بحرمنا، والباء سببية، وقدم تنبيها على قبح سبب التحريم، والتنكير لتعظيم ظلمهم، وهو نقض الميثاق، وقولهم اجعل لنا إِلهاً، وقولهم، أرنا الله جهرة وعبادة العجل ونحو ذلك { مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا } نعت لظلم، وذكرهم بلفظ هادوا إيذانا بكمال سوئهم إذ قارفوا ذنوبا عظاما بعد ما زعموا أنهم هادوا، أى تابوا عن عبادة العجل، وإيذاناً بأنهم ينقضون العهد والتوبة { حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ } مذكورة فى قوله عز وجل { { حرمنا كل ذى ظفر.. } [الأنعام: 146] الآية { أُحِلَّتْ لَهُمْ } نعت طيبات، أى أحلت لهم قبل، أحلت قبل التوراة وحرمت فيها، وقيل، أحلت فيها، وحرمت بعد نزولها، وكانوا كلما ارتكبوا معصية من المعاصى التى اقترفوها يحرم عليهم نوع من الحلال، ويزعمون أنها لم تحرم علينا، بل على إبراهيم ونوح ومن بعدهما حتى انتهى التحريم إلينا، فكذبهم الله عز وجل بقوله، { { كل الطعام كان حلا لبنى إسرائيل... } [آل عمران: 93] إلى قوله: { { إن كنتم صادقين } [آل عمران: 93]، أى فى ادعائكم أنه تحريم قديم، وقيل، المحرم عليهم ما فى سورة الأنعام، ويرده، أن التحريم فى التوراة ولم يكن يومئذ كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم وبعيسى عليه السلام، وأجيب بأن المراد استمرار التحريم فى قوله حرمنا عليهم { وَبِصَدِّهِمُ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً } أى وبإعراضهم عن سبيل الله إعراضا كثيرا أو زمانا كثيرا، أو بصدهم عن سبيل الله ناسا كثيرا، والعطف على بظلمهم، قال أهل المعانى، العطف على المتقدم ينافى الحصر، نحو بزيد مررت وبعمرو، وهو مقيد بما إذا لم يكن الثانى لبيان الأول، وبما إذا لم يكن الحصر من دليل آخر أيضا، ومثال البيان، بذنب ضربت زيدا وبسوء أدبه.